ومنه (١) انقدح : حال دعوى الوضع التعيّني معه ، ومع الغض عنه فالإنصاف أن منع حصوله في زمان الشارع في لسانه ولسان تابعيه مكابرة.
نعم ؛ حصوله في خصوص لسانه ممنوع فتأمل (٢).
______________________________________________________
تطرق الاحتمال المذكور بطل الاستدلال بتلك الوجوه ، إذ قد اشتهر : إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
(١) أي : مما ذكرناه من احتمال معاني كون ألفاظ العبادات معان لغوية «انقدح حال دعوى التعيّني معه» أي : مع الاحتمال المذكور.
وحاصل الكلام في المقام : أنه فكما لا مجال مع هذا الاحتمال لدعوى كون ألفاظ العبادات حقائق شرعية بالوضع التعييني الحاصل بالاستعمال ، فكذلك لا مجال معه لدعوى الوضع التعيّني الحاصل بكثرة الاستعمال إذ لم تكن المعاني الشرعية مغايرة للمعاني التي كانت في الشرائع السابقة ؛ حتى يقال بأنها صارت حقائق شرعية من جهة كثرة الاستعمال.
نعم ؛ مع الغض عن احتمال كونها حقائق لغوية في الشرائع السابقة «فالإنصاف أن منع حصوله» أي : منع حصول الوضع التعيّني مكابرة.
والمتحصل : من كلام المصنف «قدسسره» هو : أن الوضع التعييني الحاصل بالاستعمال وإن كان ممكنا في مقام الثبوت إلّا إنه ممّا ليس عليه دليل ، لأن الوجوه التي استدل بها على ثبوت الحقيقة الشرعية ـ لو سلم دلالتها ـ إنما يتم لو لا احتمال كون ألفاظ العبادات حقائق لغوية في الشرائع السابقة ، ومع هذا الاحتمال لا يبقى مجال للنزاع في الحقيقة الشرعية. ثم عدل عن هذا وقال بحصول الوضع التعيّني الحاصل بكثرة الاستعمال بناء على كون معاني ألفاظ العبادات من مخترعات الشارع ؛ لأن كثرة الاستعمال في المعاني الشرعية توجب حصول الوضع التعيّني في زمان الشارع ، ومنعه وإنكاره مكابرة ، فنفي الوضع على نحو السلب الكلي غير سديد ، بل الوضع بنحو الإيجاب الجزئي ثابت.
(٢) لعله إشارة إلى أن منع الوضع التعيّني في خصوص لسان الشارع مع طول مدة الاستعمال يكون في غاية البعد. هذا مضافا إلى منافاة المنع لما سبق من قرب الوضع التعيّني في عصر الشارع.
ثم المراد من التابعين في قوله : «ولسان تابعيه» من كان يتبعه في استعمال ألفاظ العبادات في المعاني الشرعية ممّن كان في عصره «صلىاللهعليهوآله» ، فليس المراد من تابعيه من كان مقابلا للصحابة.