واعلم ـ أيضا ـ أنّه لو حكمنا بعموم الرفع لجميع الآثار ، فلا يبعد اختصاصه بما لا يكون في رفعه ما ينافي الامتنان على الامّة ، كما إذا استلزم إضرار المسلم.
فإتلاف المال المحترم نسيانا أو خطأ لا يرتفع معه الضمان ، وكذلك الإضرار بمسلم لدفع الضرر عن نفسه لا يدخل في عموم (ما اضطرّوا إليه) ، إذ لا امتنان في رفع الأثر عن الفاعل بإضرار الغير ، فليس الإضرار بالغير نظير سائر المحرّمات الإلهيّة المسوّغة لدفع الضرر.
وأمّا ورود الصحيحة المتقدّمة عن المحاسن (١) في مورد حقّ الناس ـ أعني العتق والصدقة ـ فرفع أثر الإكراه عن الحالف يوجب فوات نفع على المعتق والفقراء لا إضرارا
____________________________________
وملخص الدفع أن الشرطية كالجزئيّة وإن كانت من الامور الانتزاعية إلّا إنّها قابلة للرفع برفع منشأ انتزاعها وهو الحكم التكليفي ، فتكون شرطيّة الطهارة قابلة للارتفاع بالتبع.
(واعلم ـ أيضا ـ أنّه لو حكمنا بعموم الرفع لجميع الآثار ، فلا يبعد اختصاصه بما لا يكون في رفعه ما ينافي الامتنان على الامّة ... إلى آخره).
أي : إن حديث الرفع وارد في مقام الامتنان على الامّة ، فيختصّ برفع ما يكون في رفعه امتنانا على الامّة ، ولا يرفع ما ينافي الامتنان ، كما إذا استلزم رفع الأثر عن مسلم إضرار المسلم الآخر ، فإتلاف المال المحترم كما إذا لم يكن ممّا لا ماليّة له شرعا ـ كالخمر والخنزير مثلا ـ نسيانا أو خطأ لا يرتفع معه الضمان ، وكذا لا يجوز الإضرار بمسلم لدفع الضرر عن نفسه تمسّكا بحديث الرفع ، لأنّ الحديث لا يشمل ما ليس في رفعه امتنان ، فلم يكن الإضرار بالغير ـ نظير سائر المحرمات ، كأكل الميتة مثلا ـ جائزا بحديث الرفع لكونه منافيا للامتنان.
قوله : (وأمّا ورود الصحيحة المتقدّمة عن المحاسن في مورد حقّ الناس ، أعني العتق والصدقة) دفع لما يتوهّم من أنك حكمت على أن النبوي لا يدل على رفع ما في رفعه إضرار بالغير ، لكونه منافيا للامتنان مع أن الإمام عليهالسلام تمسّك به على رفع ما في رفعه إضرار بالغير ، وتقدم تمسّك الإمام عليهالسلام ببطلان الطلاق والعتاق وصدقة ما يملك بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو رفع (ما استكرهوا) ، ومن المعلوم أنّ رفع أثر هذه الامور إضرار على العبيد والفقراء
__________________
(١) المحاسن ٢ : ٦٩ / ١١٩٥. الوسائل ٢٣ : ٢٢٦ ، كتاب الأيمان ، ب ١٢ ، ح ١٢.