ولا بمؤدّى هذه الطرق من حيث هو حتى يلزم التصويب أو ما يشبهه ، لأنّ ما ذكرناه هو المحصّل من ثبوت الأحكام الواقعيّة للعالم وغيره وثبوت التكليف بالعمل بالطرق ، وتوضيحه في محلّه. وحينئذ فلا يكون ما شكّ في تحريمه ممّا هو مكلّف به فعلا على تقدير حرمته واقعا.
____________________________________
العلميّة المنصوبة له ... إلى آخره).
ولم يذكر المصنّف النقض بالشبهات الوجوبيّة التي لم يوجب الأخباريون الاحتياط فيها بقاعدة الاشتغال مع تحقّق موضوعها فيها ، حيث يعلم المكلّف إجمالا بوجود واجبات في الشرع والاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، ولا تحصل البراءة اليقينيّة عنها إلّا بإتيان كل ما يحتمل الوجوب.
وقد أجاب المصنّف قدسسره عن الاستدلال المذكور بجوابين :
الجواب الأوّل منهما : يتضح ببيان أن التكليف بما لا طريق للمكلّف إليه قبيح عقلا ، فلا يصدر عن عاقل فضلا عن الشارع الحكيم! ومنه يظهر وجه ما ذكره المصنّف قدسسره من منع تعلّق تكليف غير القادر على تحصيل العلم ، إلّا بما أدّى إليه الطرق غير العلمية المنصوبة له ، إذ التكليف بالواقع بما هو الواقع وإن كان لازمه وجوب الاحتياط إلّا إنّه مستلزم للتكليف بما لا طريق للمكلّف إليه ، وهو قبيح عقلا فلا يجوز شرعا ، فحينئذ لا بدّ من أن يكون التكليف بالواقع بحسب تأدية الأمارات إليه ، بمعنى : عدم تنجّز التكليف الواقعي إلّا بالعلم للقادر على تحصيله أو بالأمارات لغير القادر على العلم ، فلا يكون المكلّف مكلّفا بالواقع بما هو هو ، ولا بمؤدّى الأمارات بحيث يكون التكليف من الأوّل تابعا لها حتى يلزم التصويب الأشعري.
أو كان التكليف ثابتا في الواقع مع قطع النظر عن الأمارة ، إلّا إنّه ينقلب إلى مؤدّى الأمارة فيما إذا كانت مخالفة للواقع حتى يلزم التصويب المعتزلي.
وقد أشار إلى التصويب الأشعري بقوله : (حتى يلزم التصويب).
وإلى التصويب المعتزلي بقوله : (أو ما يشبهه).
والمتحصّل من الجميع هو عدم وجوب الاحتياط ، إذ ليس على المكلّف إلّا ترك ما قامت على تحريمه أمارة لا كلّ ما يحتمل تحريمه حتى يجب الاحتياط.