ويشهد لما ذكرنا من المغايرة الاعتباريّة أن الشيخ لم يقل بوجوب مضي المتيمّم الواجد للماء في أثناء صلاته لأجل الاستصحاب ، وقال به لأجل أنّ عدم الدليل دليل العدم.
نعم ، هذا القسم الثاني أعمّ موردا من الأوّل ، لجريانه في الأحكام العقليّة وغيرها ، كما ذكره جماعة من الاصوليّين.
____________________________________
(ويشهد لما ذكرنا من المغايرة الاعتباريّة).
أي : المغايرة الحاصلة بسبب اعتبار شيء في أحدهما دون الآخر ، فليس المراد من الاعتبار ، هو مقابل الحقيقة حتى يكون الفرق بينهما اعتباريّا غير حقيقي.
(إنّ الشيخ لم يقل بوجوب مضي المتيمّم الواجد للماء في أثناء صلاته لأجل الاستصحاب).
أي : استصحاب كفاية التيمّم قبل وجدان الماء ، فعدم القول بالاستصحاب لعلّه من جهة عدم اعتبار الاستصحاب عند الشكّ في المقتضي.
(وقال به لأجل أنّ عدم الدليل دليل العدم).
أي : قال بوجوب مضي المتيمّم لأجل عدم الدليل على انتقاض التيمّم دليل العدم أي : عدم الانتقاض.
ثمّ أشار المصنّف قدسسره إلى الفرق بينهما من حيث المورد بقوله :
(نعم ، هذا القسم الثاني أعمّ موردا من الأوّل).
وظاهر هذا الكلام هو أنّ النسبة بينهما من حيث المورد هي عموم مطلق ، والقسم الثاني أعمّ موردا من القسم الأوّل ، لجريانه أي : القسم الثاني في الأحكام العقليّة دون الأوّل ، كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها ، حيث لا يجري فيه استصحاب عدم وجوبها بعد رفع النسيان بالالتفات ، ولكن يجري فيه عدم الدليل ، وهذه هي مادة الافتراق من جانب قاعدة عدم الدليل دليل العدم.
ومادة الاجتماع هي كشرب التتن إذا لم يكن على حرمته دليل شرعي كما هو كذلك ، فيجري أصل البراءة أي : استصحاب البراءة الأصليّة أيضا.
ثمّ المقصود هو ملاحظة النسبة بحسب المورد بين عدم الدليل دليل العدم ، وبين استصحاب البراءة خاصّة ، وإلّا فالنسبة بينه وبين مطلق الاستصحاب هي العموم من وجه ،