ذكر العلّامة الوحيد المتقدّم في موضع آخر حيث قال بعد ردّ خبر التثليث المتقدّم ب : «أنّه لا يدلّ على الحظر أو وجوب التوقّف ، بل مقتضاه أن من ارتكب شبهة واتّفق كونه حراما في الواقع يهلك لا مطلقا ، ويخطر بخاطري أنّ من الأخباريّين من يقول بهذا المعنى» انتهى.
ولعلّ هذا القائل اعتمد في ذلك على ما ذكرنا سابقا ، من أنّ الأمر العقلي والنقلي بالاحتياط للإرشاد ، من قبيل أوامر الطبيب لا يترتّب على موافقتها ومخالفتها عدا ما يترتّب على نفس الفعل المأمور به أو تركه لو لم يكن أمر. نعم ، الإرشاد على مذهب هذا الشخص على وجه اللزوم ، كما في بعض أوامر الطبيب لا للأولويّة ، كما اختاره القائلون بالبراءة.
وأمّا ما يترتّب على نفس الاحتياط فليس إلّا التخلّص من الهلاك المحتمل في الفعل. نعم ، فاعله يستحق المدح من حيث تركه لما يحتمل أن يكون تركه مطلوبا عند المولى ، ففيه نوع من الانقياد ويستحقّ عليه المدح والثواب ، وأمّا تركه فليس فيه إلّا التجرّي بارتكاب ما يحتمل أن يكون مبغوضا للمولى ، ولا دليل على حرمة التجرّي على هذا الوجه واستحقاق العقاب عليه.
بل عرفت في مسألة حجيّة العلم المناقشة في حرمة التجرّي بما هو أعظم من ذلك ، كأن يكون الشيء مقطوع الحرمة بالجهل المركّب ولا يلزم من تسليم استحقاق الثواب على الانقياد بفعل الاحتياط استحقاق العقاب بترك الاحتياط والتجرّي بالإقدام على ما يحتمل
____________________________________
هذا تمام الكلام فيما ذكره الوحيد البهبهاني قدسسره.
ثمّ يقول المصنّف قدسسره :
(ولعلّ هذا القائل اعتمد في ذلك على ما ذكرنا سابقا ، من أنّ الأمر العقلي والنقلي بالاحتياط للإرشاد ... إلى آخره).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره هو أنّه لعلّ القائل بالحرمة الواقعيّة بالمعنى الأخير نظر في ذلك إلى كون الأمر بالاحتياط للإرشاد ، كما اختاره القائلون بالبراءة.
غاية الأمر أنّ الأمر الإرشادي على مذهب الوحيد قدسسره يكون على وجه اللزوم ، كبعض أوامر الطبيب ، وعلى مذهب القائلين بالبراءة على وجه الأولويّة.
قوله : (ولا يلزم من تسليم استحقاق الثواب على الانقياد بفعل الاحتياط استحقاق