ويمكن منع حصر المحلّلات ، بل المحرّمات محصورة ، والعقل والنقل دلّ على إباحة ما لم يعلم حرمته ؛ ولذا يتمسّكون كثيرا بأصالة الحلّ في باب الأطعمة والأشربة.
ولو قيل : إن الحلّ إنّما علّق في قوله تعالى : (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ)(١) المفيد للحصر في مقام الجواب عن الاستفهام ، فكلّ ما شكّ في كونه طيّبا فالأصل عدم إحلال الشارع له.
قلنا : إنّ التحريم محمول في القرآن على الخبائث والفواحش ، فإذا شكّ فيه فالأصل عدم
____________________________________
والنجاسة ، وهكذا المحلّلات محصورة في امور : كالأنعام الثلاث ، إذا لم يدخل المشكوك فيهما يحكم بطهارته وحرمة لحمه ، وهذا الوجه مبنيّ على أن يكون الواجب على الشارع بيان النجاسات والمحلّلات ، فيصحّ أن يقال : إنّ النجاسات والمحلّلات محصورة فيما بيّنه الشارع ووجدناه ، فتجري أصالة الطهارة والحرمة فيما عداه ، إلّا إنّ الأمر ليس كذلك ، بل الواجب على الشارع ـ من باب قبح العقاب بلا بيان ـ بيان المحظورات الشرعيّة وهي المحرّمات والنجاسات ، فحينئذ تكون المحرّمات والنجاسات محصورة ، فإذا لم يدخل المشكوك فيهما يحكم بحلّيته وطهارته.
(ولو قيل : إنّ الحلّ إنّما علّق في قوله تعالى : (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) المفيد للحصر في مقام الجواب عن الاستفهام).
وهو : قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ)(٢) ، فالمستفاد من هذه الآية هو حصر الحلّية في الطيّب فإذا شك في كون الشيء من الطيّبات ، يجري فيه أصل عدم تحليل الشارع له ، ويحكم بحرمته كما يظهر من المحقّق والشهيد قدسسرهما ، وأجاب المصنّف قدسسره عن هذا الوجه بوجوه :
أشار إلى الوجه الأوّل بقوله :
(إنّ التحريم محمول في القرآن على الخبائث والفواحش).
وذلك كقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ)(٣) ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ)(٤) ، وقوله تعالى : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ
__________________
(١) المائدة : ٤.
(٢) المائدة : ٤.
(٣) الاعراف : ٣٣
(٤) النجم : ٢٢