وتوهّم : «عدم جريان قبح التكليف من غير بيان هنا ، نظرا إلى أنّ الشارع بيّن حكم الخمر مثلا ، فيجب ـ حينئذ ـ اجتناب كل ما يحتمل كونه خمرا من باب المقدّمة العلميّة ، فالعقل لا يقبّح العقاب خصوصا على تقدير مصادفة الحرام» مدفوع بأنّ النهي عن الخمر
____________________________________
كفاية في إثبات أصالة الحلّيّة في الشبهات الموضوعيّة.
مع أنّ صدرها وهو : (كلّ شيء لك حلال) وذيلها وهو : (والأشياء كلّها على هذا) أي : الإباحة ، حتى تظهر لك حرمتها بالبيّنة ظاهران في المدّعى.
(وتوهّم : «عدم جريان قبح التكليف من غير بيان هنا ، نظرا إلى أنّ الشارع بيّن حكم الخمر مثلا ، فيجب ـ حينئذ ـ اجتناب كل ما يحتمل كونه خمرا من باب المقدّمة العلميّة ... إلى آخره).
وتقرير هذا التوهّم يحتاج إلى مقدمة وهي :
إنّ التكاليف الشرعيّة قد تعلّقت بالموضوعات الواقعيّة بما هي هي ، من دون تقييدها بالعلم أو الجهل ، كما أنّ الألفاظ ـ أيضا ـ وضعت للمعاني الواقعيّة كذلك.
فحينئذ يكون مفاد قول الشارع : اجتنب عن الخمر ، هو وجوب الاجتناب عن الخمر الواقعي ، سواء علم المكلّف به تفصيلا أو إجمالا أو لم يعلم به أصلا ، فيكون المحرّم هو الخمر الواقعي.
إذا عرفت هذا نقول : إنّ الواجب ـ حينئذ ـ هو الاجتناب عن كلّ ما يحتمل كونه خمرا من باب المقدّمة العلميّة حتى يحصل العلم بالاجتناب عن الخمر الواقعي ، فلا يجري هنا حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، لفرض وجود بيان الشارع في الشبهات الموضوعيّة ، كما أشار إليه بقوله قدسسره :
(فالعقل لا يقبح العقاب خصوصا على تقدير مصادفة الحرام).
أي : إنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب على ارتكاب محتمل الخمريّة خصوصا على تقدير كونه حراما في الواقع ؛ وذلك لأنّ العقاب على ارتكاب الحرام الواقعي لم يكن قبيحا عقلا.
نعم ، إذا لم يصادف الواقع ، كما لو لم يكن خمرا ، يمكن القول بعدم العقاب لكونه تجرّيا ، والعقاب عليه محلّ خلاف ، كما مرّ تفصيله في مسألة التجرّي.