للعلم باجتناب فرد محرّم يحسن العقاب عليه ، فلا فرق ـ بعد فرض عدم العلم بحرمته ولا بتحريم خمر يتوقّف العلم باجتنابه على اجتنابه ـ بين هذا الفرد المشتبه وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه كشرب التتن في قبح العقاب عليه.
وما ذكر من التوهّم جار فيه أيضا ، لأنّ العمومات الدالّة على حرمة الخبائث والفواحش (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(١) تدلّ على حرمة امور واقعيّة يحتمل كون شرب التتن منها.
ومنشأ التوهّم المذكور ملاحظة تعلّق الحكم بكلّي مردّد بين مقدار معلوم وبين أكثر منه ، فيتخيّل أن الترديد في المكلّف به ، فمع العلم بالتكليف يجب الاحتياط.
____________________________________
وإن كانت ثابتة إلّا إنّ ثبوتها وحدها لا يكفي في تنجّز التكليف ، وبعد عدم تنجّز التكليف في جانب ذي المقدّمة لا منشأ لحكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة ، فيكون حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ثابتا في المقام ، فلا فرق في حكم العقل بلا بيان بين المقام حيث تكون الشبهة فيه موضوعيّة ، وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه ، كشرب التتن حيث تكون الشبهة فيه حكميّة ، كما أشار إليه بقوله قدسسره :
(فلا فرق ـ بعد فرض عدم العلم بحرمته ... إلى آخره).
وبالجملة ، كما يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في الشبهة الحكميّة ، كذلك يحكم بالقبح في الشبهة الموضوعيّة ، هذا مع أنّ التوهّم المذكور في الشبهة الموضوعيّة جار في الشبهة الحكميّة أيضا ، بتقريب عدم جريان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فيها ، لوجود البيان بالعمومات القرآنيّة الدالّة على حرمة الخبائث والفواحش (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) حيث تدلّ تلك العمومات على حرمة هذه الامور في الواقع ، ويحتمل أن يكون شرب التتن منها ، فيجب الاجتناب عنه من باب المقدّمة العلميّة.
(ومنشأ التوهّم المذكور) في الشبهة الحكميّة هو تعلّق الحكم بوجوب الاجتناب بمفهوم كلّي مردّد بين مقدار معلوم وهو الدم والميتة والخمر وغيرها وبين الأكثر منه ، بأن يشكّ في كون التتن منها أو لا ، فيرجع الشكّ إلى الشكّ في المكلّف به حيث يكون مردّدا
__________________
(١) الحشر : ٧.