بل لا قصور في العبارة بعد ما فهم منها أنّ هذا المحمول وصف لازم لطبيعة الموضوع ولا ينفكّ عن مصاديقه ، فهو مثل ما لو أخبر زيد بعض عبيد المولى ، بأنّه قال : لا تعمل بأخبار زيد ، فإنّه لا يجوز أن يعمل به ، ولو اتكالا على دليل عامّ يدلّ على الجواز ويقول إنّ هذا العامّ لا يشمل نفسه ، لأنّ عدم شموله له ليس إلّا لقصور اللفظ وعدم قابليّته للشمول ، لا لتفاوت بينه وبين غيره من أخبار زيد في نظر المولى ، وقد تقدّم في الإيراد الثاني من هذه الإيرادات ما يوضّح لك ، فراجع.
____________________________________
وبعبارة اخرى : إنّه قضية حقيقية تنحل حكما وموضوعا إلى أحكام متعدّدة حسب تعدّد الموضوع ، فلا مانع من أن يكون الحكم بوجوب التصديق والحجّية مترتبا على جميع ما وقع في سلسلة الرواة ، فيشمل خبر المفيد ، إذ يكون وجوب التصديق من لوازم طبيعة خبر العادل سواء كانت محقّقة قبل الحكم أو بعده.
ويمكن الجواب عن الإشكال حتى على فرض القضية الخارجية ، ويقال : إنّ الحكم وإن كان لا يشمل ما يوجد من أفراد الموضوع بدلالة لفظية ، ولكن يشمله مناطا ، إذ لا فرق بينه وبين سائر الأفراد في نظر المتكلم ، فإنّ جميع أفراد خبر العادل يكون مساويا مناطا.
هذا على تقدير أن يكون صدق العادل قضية خارجية وأمّا على ما تقدّم من كونه قضية حقيقية فلا إشكال في شمول الحكم جميع أفراد الموضوع ، سواء كانت محقّقة أو مقدّرة.
وعلى هذا : (لو أخبر زيد بعض عبيد المولى) من قبل المولى (بأنّه قال : لا تعمل بأخبار زيد) لكان المتبادر منه أنّ المولى قد منع عن العمل بطبيعة خبر زيد على نحو القضية الحقيقية ، فيشمل كل ما صدر من زيد من الخبر حتى يشمل نفس هذا الخبر منه ، فلا يجوز العمل به ، ولازم حرمة العمل بخبر زيد هذا ـ أي : لا تعمل بأخبار زيد ، أو بأخباري ـ هو جواز العمل بسائر أخباره ، اتكالا على دليل عام من المولى يدل على الجواز ، ولا يجوز للعبد ترك العمل بسائر أخبار زيد ، والعمل بخبره ـ أي : لا تعمل بأخباري ـ بحجّة أنّ العام لا يشمل نفسه.
وقد تقدّم في الإيراد الثاني في هذه الإيرادات ما يوضح ذلك ، حيث قلنا : بأنّ خبر السيد المرتضى بالإجماع على عدم حجّية خبر الواحد يشمل نفسه ـ أيضا ـ بتنقيح المناط.