أنّ السجود ، هل هو وضع الجبهة على الأرض؟ كما فسّرت به سجدة الصلاة في بعض كتب اللغة (١) ، وتؤيّده ـ على ما قيل ـ مرسلتا الفقيه : « السجود على الأرض [ فريضة ] وعلى غير الأرض سنّة » (٢) وفي إحداهما : « والخمرة » مكان « غير الأرض » (٣) دلّتا على أنّ السجدة المأمور بها في كتابه سبحانه هي وضع الجبهة على الأرض.
أو الانحناء حتى يساوي موضع جبهته موقفه مع وضعها على شيء؟ كما فسّرت به بعض الكتب الفقهيّة (٤) ، ويؤيّده عدم اشتراط الأرض فيما يوضع عليه غير الجبهة مع إطلاق السجود عليه.
الظاهر هو الثاني ، لعدم صحّة السلب ، وعدم تبادر الغير ، وثبوت الاستعمال في الأعم ، وعدم ثبوته في غيره ، فيتّحد المستعمل فيه المعلوم ، فيكون الأصل فيه الحقيقة ، ونحو قوله في الأخبار الكثيرة : السجود على الأرض وعلى غير الأرض ، فإنّ المستفاد منه خروج كونها على الأرض عن معناها.
وأمّا ما مرّ من قول بعض اللغويين ، فالظاهر أنّ المراد من الأرض مطلق ما يحاذي الموقف ، لأنّه إنّما فسّر سجدة الصلاة بذلك مع أنّه من العامّة التي لا يشترط ذلك عنده فيها أصلا ، بل على عدم الاشتراط إجماعهم ، ومع أنّه في بيان المعنى الشرعي ، وقوله فيه ليس بحجة قطعا.
ومن هذا القبيل ما قال بعض فقهائنا : ويجب وضع سبعة أعظم على الأرض (٥) ، مع أنّه لا يقول باشتراط الأرض في غيرالجبهة.
__________________
(١) انظر : الصحاح ٢ : ٤٨٣ ، ولسان العرب ٣ : ٢٠٦.
(٢) الفقيه ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٤ ، الوسائل ٥ : ٣٤٥ أبواب ما يسجد عليه ب ١ ح ٨. وأضفنا ما بين المعقوفين من المصدر وفيه : « على غير ذلك » بدل : « على غير الأرض ».
(٣) لم نعثر على هذه المرسلة في الفقيه ، ووجدناها في الكافي عن محمّد بن يحيى بإسناده. الكافي ٣ : ٣٣١ الصلاة ب ٢٧ ح ٨ ، الوسائل ٥ : ٣٤٥ أبواب ما يسجد عليه ب ١ ح ٧.
(٤) كما في المفاتيح ١ : ١٤٢.
(٥) كما في مفاتيح الشرائع ١ : ١٤٣.