ومنه يظهر ضعف التمسّك بالموثّقة أيضا ، بل اتّحاد الركعتين اللتين جعل القيام فيهما أفضل فيها مع ما كان يضمّهما مع الركعتين من جلوس أظهر ، بقرينة قراءة مائة آية فيهما وعدم احتسابهما من الركعتين ـ كما صرّح به في الموثّقة وفي رواية الحجّال ـ ولا أقلّ من الاحتمال المساوي فيسقط الاستدلال.
ومن ذلك يظهر القدح في تجويز القيام فيهما أيضا ، إذ لا مجوّز له إلاّ الصحيحة والموثّقة ، وبعد ما عرفت من عدم دلالتهما يبقى جواز القيام بلا دليل. ولتوقيفيّة العبادة وعدم توقيف الركعتين إلاّ جالسا لا يكون القيام فيهما جائزا. وهو الأقوى ، كما هو ظاهر الأكثر أيضا حيث قيّدوهما بالجلوس من غير تجويز القيام ، خلافا للجامع والشهيد (١) ، فصرّحا بجواز القيام لبعض ما عرفت ضعفه.
وأمّا ما ذكر أخيرا من عمومات أفضليّة القيام في الصلاة ففيه : منع ما دلّ بعمومه على أنّ القيام في كلّ صلاة أفضل ، بل غاية ما ثبت من الأخبار أنّ صلاة القائم أفضل من صلاة القاعد ، وهو لا يدلّ على جواز القيام أو أفضليّته في كلّ صلاة.
ثمَّ الأفضل تأخير هاتين الركعتين عن التعقيب ، للتوقيع المتقدّم (٢). بل عن كلّ تنفّل يتنفل به بعد العشاء ، لتصريح جماعة من العلماء به (٣) ، وهو كاف في مقام الاستحباب.
ويستحبّ أن يقرأ فيهما بالواقعة والتوحيد ، لصحيحة ابن أبي عمير (٤) ورواية عبد الخالق (٥).
وفي فلاح السائل عن أبي جعفر الثاني : « من قرأ سورة الملك في ليلته فقد
__________________
(١) الجامع للشرائع : ١١١ ، الشهيد في الدروس ١ : ١٣٦.
(٢) في ص ٤١٢ الرقم ٣.
(٣) كالمفيد في المقنعة : ١١٨ ، والشهيد الثاني في الروضة ٧ : ١٧٠.
(٤) التهذيب ٢ : ١١٦ ـ ٤٣٣ ، الوسائل ٦ : ١١٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٥ ح ١.
(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٥ ـ ١١٩٠ ، الوسائل ٦ : ١١٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٥ ح ٢.