البحث الأول
في النيّة
وهي جزء عند طائفة (١) ، وشرط عند آخرين (٢) ، وظاهر بعضهم التردّد في كونها شرطا أو جزءا (٣) ، وهو في موقعه جدّا ، والفائدة في تحقيقه قليلة كثيرا ، فالإعراض عنه أولى.
والمعتبر فيها القصد إلى الفعل تقرّبا إلى الله سبحانه ـ كما مضى في بحث الوضوء تفصيلا ودليلا ـ منضمّا معه ما يعيّنه ، ويميّزه إذا لم يكن هناك مميّز خارجي ، وكانت الصلاة المأمور بها متعدّدة ، كأن تكون الذمّة مشغولة بصلاة واجبة ومندوبة ، أو أداء وقضاء ، أو إجارة ونذر وغير ذلك ، لأنّ ترتّب ما يستتبعه أحدهما فعلا أو تركا على ما فعله الذي عليه يتوقّف البراءة والإجزاء ، بل صدق الامتثال ، يتوقّف على مرجّح ، وليس إلاّ القصد بالفرض فيجب.
والقول بأن ما فعله لا مع القصد المميّز موافق لكل منهما فيكون صحيحا ، إذ ليست الصحة إلاّ موافقة المأمور به ـ كما مرّ في الوضوء ـ وهي ترادف الإجزاء المستلزم للبراءة.
يردّ بعدم معقولية البراءة عن واحد لا بعينه من الأمرين المختلفين آثارا وتوابع ، ولا الإجزاء عنه ، ولازمه إما عدم تلازم البراءة والصحة ، أو عدم كون الصحة موافقة المأمور به مطلقا بل موافقة المأمور به المعيّن.
مع أن لنا أن نقول : إن الأمر بكل من الشيئين ـ المختلفين آثارا الغير
__________________
(١) كالشهيد في البيان : ١٥٠.
(٢) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ١٤٩ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٦٦ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٠٩.
(٣) كالمحقق في المختصر النافع : ٢٩ ، والكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢١٧. والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٨.