المتميّزين إلاّ بالقصد ـ يستلزم الأمر بقصد المميّز قطعا ، تحصيلا للامتثال والإجزاء والبراءة ، فالخالي عن ذلك القصد لا يكون موافقا لتمام المأمور به ، فلا يكون صحيحا.
مع أن لزوم قصد المميّز في مثل ذلك قد يستفاد من الأخبار أيضا ، كالأخبار الآمرة بتقديم فريضة الصبح مثلا على نافلته (١) ، أو التهجّد بعد طلوع الصبح أو الحمرة (٢) ، ونحوها ، فإنه لا يحصل التقديم والتأخير إلاّ بواسطة القصد.
وكالأخبار الواردة في العدول من صلاة إلى أخرى ، يصرّح به موثّقة عمّار : في الرجل يريد أن يصلّي ثماني ركعات فيصلّي عشر ركعات أيحتسب بالركعتين من صلاة عليه؟ قال : « لا ، إلاّ أن يصلّيها عمدا ، فإن لم ينو ذلك فلا » (٣).
فإن قيل : قد مرّ في بحث الوضوء جواز انطباق ما فعل بلا قصد المميّز على واحد معيّن باختيار المكلّف بعد الفعل ، فلا يثبت لزوم قصده أولا.
قلنا : الجواز لا يستلزم التعيّن والتحقق ، والأصل بقاء الاشتغال وعدم البراءة الحاصل قبل القصد المتأخر ، ولا دليل على حصول البراءة بذلك القصد قطعا ، وتجويز ذلك عقلا لا يفيد في دفع الاستصحاب ، فيجب ضمّ القصد حال الفعل.
وهل يجب ضمّه في ابتداء الفعل ، أو يكفي الانضمام في الأثناء ـ كأن يدخل في صلاة متردّدا بين أن يتنفّل بها للصبح أو يؤدّي فريضتها ثمَّ قصد إحداهما في الأثناء ـ؟.
الظاهر : الثاني ، إذ ما بعد النيّة يكون من المنويّ قطعا وينصرف ما قبلها
__________________
(١) انظر : الوسائل ٤ : ٢٦٦ أبواب المواقيت ب ٥١.
(٢) انظر : الوسائل ٤ : ٢٦١ أبواب المواقيت ب ٤٨.
(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٣ ـ ١٤٢١ ، الوسائل ٦ : ٧ أبواب النية ب ٣ ح ١.