وأمّا أوصافها فلا شك في وجوب مراعاة التشديد ، أي قراءة الحرف الواحد المشدّد مشدّدا. والتشديد هو غير الإدغام اصطلاحا ، لأنه يستعمل فيما كان الثابت في اللفظ حرفين نحو : يدرككم ويوجهه.
والدليل على وجوبه وبطلان الصلاة بالإخلال به إجماع الفقهاء عليه ، مضافا إلى أنّ الإخلال به إمّا بإظهار الحرفين المخفّفين أو حرف واحد مخفّف ، والأوّل موجب لزيادة حرف غير القرآن في الصلاة وبه تخرج الكلمة عن القرآنية بل عن العربيّة في الأكثر ، والثاني لخروج اللفظ عن العربيّة والقرآنيّة وعمّا هو هو ، بل يتغيّر فيهما المعنى في الأغلب.
وأمّا المدّ المتصل والإدغام الصغير ـ وهو إدغام حرفين متجانسين أو متناسبين أوّلهما ساكن في كلمة أو كلمتين في الآخر ، ولو كان أوّلهما متحركا فهو الإدغام الكبير الذي حكم الأكثر من القرّاء بعدم وجوبه (١) ـ فقد حكم جماعة من الفقهاء منهم الشهيد والمحقّق الثاني بوجوب مراعاتهما (٢) ، بل يخطر ببالي ادّعاء الإجماع على الأوّل.
والأصل يقتضي عدم وجوبهما أيضا ، لعدم دليل عليه ، فإنّه لا يخرج بالإخلال بهما اللفظ عن كونه لفظا عربيّا وقرآنا عرفا ، ولا يتغيّر به المعنى ، ولا الحرف عن كونه ذلك الحرف أصلا.
غاية الأمر ثبوت اتفاق القرّاء ـ أو مع العرب ـ على مراعاتهما ، بل على وجوبهما في التكلّم ، ولذا يثبتون علامة المدّ المتّصل في المصاحف ، ولا يثبت منه إلاّ توقف اللهجة العربيّة والأداء على نحو العرب عليه وأنّ العرب لا يتلفّظ إلاّ كذلك ، ولم يثبت وجوب ذلك ، ولذا لا يحكمون بوجوب إمالة الألف في مواضعه ولا إشباع الحركات وتفخيم الراء مثلا مع أنا نعلم قطعا أن العرب لا يؤدّي إلاّ
__________________
(١) ووجوب الإدغام فيه مذهب يعقوب وأبي يوسف من القرّاء ، وأوجبه عاصم أيضا في كلمتين من القرآن ( ما مَكَّنِّي ) في سورة الكهف ، ( لا تَأْمَنّا ) في سورة يوسف. منه رحمه الله تعالى.
(٢) الشهيد في البيان : ١٥٧ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٤٥.