إلاّ أنه صرّح كثير من الفقهاء فيها بالاستحباب (١) ، ولا بأس به لأجل فتواهم ما لم يبلغ حدّا يخلّ بالاسلوب أو يوجب الاستهجان كما يشاهد في بعض ، بل قد يبلغ حدّا يقطع بأنّ العرب لا يقرأ هكذا ويستقبحه.
وأما حركاتها وسكناتها : فما كان من غير الإعرابيّة والبنائيّة ، أي غير ما في أواخر الكلمات كفتح حاء الحمد ، وعين أنعمت ، وسكون ميمهما ، فلا شكّ في وجوب مراعاتها بالكيفيّة المنزلة ، وبطلان الصلاة بالإخلال بها ، للإجماع. ولأنّ القرآن والفاتحة ليسا اسمين للأجزاء المادية أي الحروف فقط قطعا ، بل للمركّب منها ومن الجزء الصوري الذي هو الهيئة ، فمع انتفائه لا يكون فاتحة ولا قرآنا. ولأنّ القرآن ليس إلاّ هذا المنزل ، فكلّ كلمة لم يكن منزلا لم يكن قرآنا ، ولا شكّ أنّ المنزل هو الكلمة بالحركة والسكون المخصوصين وبغيرهما ليس منزلا ، فتبطل بها الصلاة.
ومنه يظهر وجوب مراعاتها في كل حرف ، وبطلان الصلاة بالإخلال بها عمدا ولو نادرا لا يخرج المجموع بالإخلال به عن اسم الفاتحة عرفا.
وما كان في أواخر الكلمات فإمّا سكون أو حركة ، والأوّل تبطل الصلاة بالإخلال به أيضا قطعا ، للإجماع ، وعدم معلومية كون الكلمة المتحرّكة آخرها من القرآن ، فإنه لو قال في سورة التوحيد ( لَمْ يَكُنْ لَهُ ) بضمّ النون تبطل صلاته ، إذ ليس « لم يكن » كلمة قرآنية ، ولو سئل عنها يسلب عنها القرآنية.
ومنه يظهر وجوب مراعاة الثاني ، والبطلان بالإخلال به أيضا ، لو كان بإبداله بحركة أخرى مضادّة ، سواء كان مغيّرا للمعنى كضمّ تاء « أنعمت » أو لا كضمّ باء « رب العالمين » إذ « أنعمت ، ولله ربّ العالمين » مضمومة التاء والباء ليس قرآنا.
مع أنّ البطلان في الأول إجماعي ، بل في الثاني أيضا ، لعدم ثبوت ما حكي
__________________
(١) كالشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٦٥ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٣٧ ، وصاحب الحدائق ٨ : ١١٤.