المسألة السابعة عشرة : صرّح جماعة بوجوب الموالاة في القراءة ، (١) وأريد بها قراءة الحمد والسورة متتالية الكلمات والآيات.
فإن أرادوا التتالي الحقيقي فلا دليل عليه ، والأصل ينفي وجوبه.
وإن أرادوا ضربا من التوالي العرفي فهو كذلك ، لا للتأسّي أو أصل الاشتغال ، لضعفهما في المقام كما عرفت مرارا. بل لأنه المتبادر من قراءة الحمد والسورة.
والتوضيح : أنه أمر بقراءتهما والواجب الإتيان بالمأمور به ، والمفهوم عرفا من قراءة سورة قراءتها مع نوع توال عرفا بمعنى أنّه المتبادر من التركيب ، فلو أخلّ بها لم يأت بالمأمور به ، ولذا لو نذر أن يقرأ الحمد مثلا لا يمتثل بقراءة كلّ يوم بل ساعة آية منها.
ثمَّ الإخلال بها تارة يكون بقراءة شيء آخر في خلالها ، واخرى بالسكوت.
والأول : إمّا يكون بمزج كلمات اخرى بين كلمات الحمد مثلا بحيث يفهم الارتباط ويتوهّم السامع الجزئية والاتحاد ، كأن يقول : الحمد والشكر لله رب العالمين ، الرحمن المنّان الكريم الرحيم ، مالك يوم الحشر والجزاء والدين ، إياك نعبد وعليك نتوكّل وإيّاك نستعين ، اهدنا الطريق القويم والصراط المستقيم ، وهكذا.
أو بدون المزج ، كأن يقول بعد مالك يوم الدين : جلّ جلاله.
فإن كان من الأول تبطل به القراءة قطعا ولو كان بكلمة ، لا للإخلال بالموالاة الواجبة ، بل لأنّ المقروء يخرج عن كونه حمدا ، فهو المخلّ بكونه حمدا مثلا دون قراءته.
وإن كان من الثاني ، فإن زاد المتخلّل بحيث يخلّ بالمعنى المنصرف إليه الأمر بقراءة الحمد عرفا بطلت القراءة ، وإلاّ لم تبطل. فلا تبطل بتخلل كلمة أو كلمتين
__________________
(١) منهم العلامة في نهاية الإحكام ١ : ٤٦٣ ، والشهيد في الذكرى : ١٨٨ ، والفيض في المفاتيح ١ : ١٢٩.