وعلى الخامس : منع عدم تعيّن السورة إلاّ بتعيّن جميع أجزائها لها إن أريد تعيّن كلّ جزء قبل قراءته أو حينها ، بل يكفي تعيّنه بعدها أيضا ، ومنع عدم تعيّن الأجزاء المشتركة إلاّ بالقصد إن أريد مطلق التعيّن ، بل يتعيّن بما يتعقّب له.
ولضعف هذه الأدلّة ذهب جماعة من الأجلّة من متأخري متأخري الفرقة إلى عدم لزوم القصد (١). وهو الحقّ ، للأصل ، وصدق الامتثال.
وهل يجب عدم قصد سورة أخرى غير ما قرأها ، حتى لو قصد بالبسملة سورة وقرأ غيرها عمدا وجب الرجوع إلى الأولى أو البسملة ثانيا قبل الركوع وبطل بعده ، أم لا؟
الظاهر : نعم ، إذ لا شك في تخصيص المشتركات وتميّزها بالنيّات كما مرّ في بحث نيّة الصلاة ، ولذا ترى أنّه لو كتب أحد البسملة بقصد سورة يقال : إنه شرع في كتابة السورة ، فمع قراءة البسملة بقصد سورة تكون جزءا منها ، فلو قرأ غيرها بدون البسملة كان قارئا لبعضها. وتعقّب المميّز هنا يعارض القصد فلا يفيد.
مع أنه بقصد السورة الأولى صارت جزءا منها فيستصحب حتى علم خروجه عن هذه الجزئية وصيرورته جزءا لأخرى ، وذلك مع ممانعة القصد غير معلوم ، فيكون قارئا لبعض كلّ من السورتين لا لسورة تامة.
ولكن ذلك إذا دخل البسملة بقصد السورة المعيّنة ، أما لو أراد قبل الشروع فيها قراءة سورة ، ثمَّ ذهل عن هذا القصد حتى دخل البسملة بلا قصد فلا ضير فيه.
ثمَّ إنّه لا ينافي ما ذكرناه من الحكمين شيئا من الأخبار الواردة في هذا المضمار ، كما لا يخفى على من تأمّل فيها.
__________________
(١) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٨ ، وصاحب الحدائق ٨ : ٢٢٨.