وإن قيل لعلهم استندوا الى ما مر من الأخبار الناطقة بأن الخارج من مكة ليلا إلى منى يجوز له النوم في الطريق إذا جاز بيوت مكة ، لدلالتها على أن الطريق في حكم منى ، فيجوز أن يريدوا الفضل لما مر من أن الأفضل الكون الى الفجر والوجوب اقتصارا على اليقين ، وهو جواز الخروج بعد الانتصاف من منى لا مما هو في حكمها : ولا يعارضه ما في قرب الاسناد من قول الكاظم عليهالسلام لعلي بن جعفر (١) : « وإن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شيء » ولا صحيح العيص (٢) المتقدم لاحتمالهما ، بل يمكن أن يكونوا استظهروا منهما ما ذكروه ، إلا أنها كما ترى مجرد تهجس لا يصلح مدركا فضلا عن أن يعارض ما عرفت.
وعلى كل حال يكون القدر الواجب من المبيت بناء على ما عرفت هو الكون بها ليلا حتى يتجاوز نصف الليل ، بل في الرياض « أن ظاهر الأصحاب انحصاره في النصف الأول فأوجبوا عليه الكون بها قبل الغروب الى النصف الثاني » بل صرح به ثاني الشهيدين في المسالك والروضة ، وزاد وجوب مقارنة النية لأول الليل ، نعم قد يستفاد من خبر ابن ناجية (٣) وخبر معاوية (٤) السابقين تساوي نصفي الليل في تحصيل الامتثال كما عن الحلبي ، بل قد عرفت سابقا أن أقصى ما يستفاد من النصوص ترتب الدم على مبيت الليالي المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل الى آخره كما اعترف به بعض ، واستحسنه أخر إلا أن الشهرة بين الأصحاب إن لم يكن الإجماع على الوجه المزبور يجبر دلالة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٢٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٢٠.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٨.