فيجوز له الحلق بعد التقصير وأول الحلق تقصير ، بل عن التهذيب من عقص شعر رأسه عند الإحرام أو لبده فلا يجوز له إلا الحلق ، ومتى اقتصر على التقصير كان عليه دم شاة ، وظاهره العموم للحج وعمرة التمتع والمفردة ، بل في عمرة التمتع أظهر ، واستدل عليه بقول الصادق عليهالسلام في صحيح معاوية بن عمار (١) « وإذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق ، وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير والحلق في الحج ، وليس في المتعة إلا التقصير » وصحيح العيص (٢) سأله عليهالسلام « عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتع ثم قدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه فقصر وأدهن وأحل قال : عليه دم شاة ».
ولكن لا يخفى عليك ما في ذلك كله ، ضرورة منع كون أو الحلق تقصيرا ولذا كان مقابلا له ، فلا يتحقق امتثال فيه ، وصحيح معاوية صريح في أنه ليس في المتعة إلا تقصير ، ومن المحتمل تعلق قوله عليهالسلام فيه « في الحج » بالجميع ، وأما « نسكه » في صحيح العيص فيحتمل الحج ، وإياه والعمرة ، والدم يحتمل الهدي أو الندب كما عن الشهيد ، ومما ذكرنا يظهر لك ضعف ما عن المنتهى من أن الحلق مجز وإن قلنا إنه محرم ، لكونه عن أمر خارج عن التقصير الحاصل بأول الحلق ، فيكون المحرم ما زاد عليه ، ضرورة عدم تحقق التقصير به ، على أنه ينبغي حينئذ اعتبار النية التي لا أثر لها في النص ولا الفتوى ، بل ظاهر إطلاق النص خلافه.
كما أنه يظهر لك الوجه فيما ذكره المصنف وغيره إلا النادر من أنه لا يجوز فيها حلق جميع الرأس ، ولو خالف فـ ( حلق لزمه دم ) كما صرح به غير واحد من الأصحاب ، بل هو المشهور مستدلين عليه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٩.