بقي الكلام في شيء ، وهو أن ظاهر الموثق المزبور حلية النساء للمحصور ببلوغ الهدي ، وقد عرفت عدم حلهن إلا بالطواف بنفسه أو نائبه على الوجه الذي تقدم ، ومن هنا قال الكاشاني : لعل المراد بإتيانه النساء إتيانه إياهن بعد الطواف والسعي ، وفيه أنه خلاف صريح الخبر كما اعترف به في الحدائق ، لكن قال : اللهم إلا أن يحمل إتيانه النساء على الخطأ والجهل بتوهم حلهن له بالمواعدة كما في سائر محرمات الإحرام ، ويكون قوله عليهالسلام « ليس عليه شيء » يعني من حيث الجهل ، فإنه معذور كما في غير موضع من أحكام الحج ، وأنه بعد العلم بذلك فليمسك الآن عن النساء إذا بعث ، وفيه بعد الإغضاء عما في دعواه من معذورية الجاهل مطلقا في الحج من غير فرق بين الكفارة وغيرها أنه أيضا خلاف ظاهره ، ولعل الأولى حمله على عمرة التمتع التي قد عرفت أن الأقوى عدم احتياج حل النساء فيها الى الطواف ، كما سمعت الكلام فيه مفصلا والله العالم.
ولو بعث هديه ثم زال العارض قبل التحلل لحق بأصحابه في العمرة المفردة مطلقا ، وفي الحج إن لم يفت ، لزوال العذر وانحصار جهة إحلاله حينئذ في الإتيان بالمناسك المأمور بإتمامها فإن كان حاجا وأدرك أحد الموقفين في وقته على وجه يصح حجه كما عرفته سابقا فقد أدرك الحج ، وإلا تحلل بعمرة مفردة كما هو فرض كل من فاته الحج وإن كان قد ذبحوا وعليه في القابل قضاء الواجب المستقر أو المستمر ويستحب قضاء الندب بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بل ولا إشكال ، ضرورة كونه محرما حينئذ بأحد النسكين اللذين يجب عليه إتمامهما مع التمكن كما هو الفرض ، مضافا الى صحيح زرارة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام « إذا أحصر بعث
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الإحصار والصد الحديث ١.