من حين الانكشاف ، خصوصا بعد عدم تصريح أحد من القائلين بوجوب الإمساك بخلافه ، لسكوتهم عن بيان وقته ، فيمكن إرادتهم ما ذكرناه كالنصوص ، ودعوى عدم الخلاف في صحته أو عدم بطلانه يمكن منعها بالنسبة الى ما زاد على ما ذكرناه من الإثم والكفارة ، ونفي الضرر في الموثق (١) لا ينافي وجوب الإمساك ، لكونه ضررا بعد ظهوره في إرادة أن الخلف لا يوجب ضررا فيما فعله من منافيات الإحرام ، ووجوب الإمساك انما هو من الإحرام السابق لا من الخلف كي يتوجه نفيه ، إذ احتمال وجوبه تعبدا وإن كان هو غير محرم كما ترى ، على انه بعد تسليم تناول نفي الضرر له يتجه حينئذ تخصيصه بالخبرين ، هذا.
ولكن قد يقال بظهور خبر زرارة في كون الإمساك عن النساء حين البعث لا من حين الانكشاف ، فلو بعثه بعد مدة لم يجب عليه الإمساك قبل البعث ولو بعد الانكشاف ، وهو ظاهر في تحقق الإحلال في الواقع ، وأن الأمر بالإمساك ليس للإحرام السابق معتضدا بما سمعته من دعوى جماعة عدم الخلاف في عدم بطلان الإحلال المراد به ظاهرا انتفاء الإحرام السابق ، كما عساه يشهد لها عبارة المتن وغيرها ، فالمتجه حينئذ وجوب الإمساك مقيدا من حين البعث وإن كان الأحوط من حين الانكشاف ، هذا ، وفي المدارك « واعلم أنه ليس في الرواية ولا في كلام من وقفت على كلامه من الأصحاب تعيين وقت الإمساك صريحا وإن ظهر من بعضها أنه من حين البعث ، وهو مشكل ، ولعل المراد انه يمسك من حين إحرام المبعوث معه الهدي » ولا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه من وجوه ، خصوصا ما ذكره أخيرا ، فإنه يمكن تحصيل الإجماع على خلافه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الإحصار والصد الحديث ٢.