قد اتفقا على الأقل ، وهذا قول يفسد عند الاعتبار ، وإنما يكون ما قالوه على قياسهم لو كانت القيمة بدنانير أو دراهم وما هو في معناهما ، فيقول أحدهما قيمته خمسة ، ويقول الآخر عشرة ، فكأنهما اتفقا على خمسة عندهم ، وليس ذلك باتفاق بالحقيقة ، لأنه إذا جزى بخمسة لم يكن عند من قال بعشرة جزاء مع أن جزاء الصيد يكون بأعيان متفرقة من النعم ، ويكون بإطعام مساكين ، ويكون بصوم ، وليس في هذا شيء متفق فيه على الأقل ، ولا يكون قد جزى عند كل واحد منهما إلا أن يجزي بما أمره به ان اتفق فيه قوم وخالفهم آخرون ، وهذا بين لمن تدبره ووفق لفهمه.
قلت : لعل أصحاب أبي حنيفة بنوا ذلك على المحكي من مذهب أبي حنيفة من إرادة القيمة من المماثلة في الآية ، فالاختلاف فيها حينئذ من الاختلاف في شغل الذمة بالأقل والأكثر ، يثبت الأقل وينفي الزائد بالأصل ، ولكن فيه أن الفرض أشبه شيء بقاعدة وجوب البراءة اليقينية من الشغل اليقيني ، ومن هنا حكي عن بعضهم وجوب الأزيد ، وعلى كل حال فهو كما ترى ، ضرورة عدم مورد له ، كضرورة ذلك على تقدير تفسيرها بإرادة شهادة العدلين كما سمعته من بعض أصحابنا ، ومن العجب أن جماعة من الخاصة رووا قراءة السيدين الإمامين المعصومين من الزلل ذو عدل وأنه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والامام عليهالسلام من بعده ثم يذكرون بعد ذلك من التفسير ما ينافيه ، مع أنه لا مورد له ، بل العامة قد حكوا قرائتهما عليهماالسلام كذلك ، فلا بد حينئذ من أتباعهما وإرجاع قراءة ذوي عدل إليها على الوجه الذي ذكرناه ، والله العالم.
وكيف كان فـ ( لو ) عجز عن إطعام الستين صام عن كل مدين يوما وفاقا للمشهور ، بل عن التبيان أنه مذهبنا ، كما عن المجمع