والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره ، يقال : يظل فلان صائما ويبيت قائما » ويجوز أن يكون انما استظهر هذا للمقام ، وكلام المنتهى يعطى فهم الاستيعاب ، لقوله لأن المتجاوز عن النصف هو معظم ذلك الشيء ، ويطلق عليه اسمه ، قال امرء القيس.
فبات عليه سرجه ولجامه وبات بعين قائما غير مرسل.
وظاهره الاستيعاب ، ضرورة أن ذلك كله لا يوافق ما سمعت ، بل يمكن دعوى الإجماع على عدم وجوب الاستيعاب وعلى عدم كفاية المسمى ، فالأحوط والأولى مراعاة ما سمعته من الأصحاب من الكون بها قبل الغروب الى نصف الليل.
هذا كله في المختارين ، وأما ذوو الأعذار فلا أجد خلافا بين الأصحاب في جواز المبيت لهم بغير منى ، ولعله لنفي الحرج في الدين ، وفحوى الرخصة للرعاة والسقاية ، فإن العامة روت ترخصهم (١) ، وعن الخلاف والمنتهى نفي الخلاف عنه ، وفي خبر مالك بن أعين (٢) عن أبي جعفر عليهالسلام المروي عن كتاب العلل « ان العباس استأذن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبيت بمكة ليالي منى ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أجل سقاية الحاج » ولعله لذا كان المحكي عن مالك وأبي حنيفة قصر الرخصة على أولاد عباس ، وإن كان ذلك خصوصا من الثاني منهما الذي شرع القياس وغيره غريبا على أن مقتضى الجمود الاقتصار على العباس لا إلحاق أولاده به.
نعم ربما قيل إن للرعاة ترك المبيت ما لم تغرب الشمس عليهم بمنى ، فان غربت وجب عليهم ، بخلاف السقاة ، لاختصاص شغل الرعاة
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ١٥٠ و ١٥٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٢١.