وفاقا للمحكي عن الشيخ لأن المنساق إلى الذهن كون الإضافة بمعنى من التبعيضية ، فيساوي حينئذ بوضيعة درهم من كل عشرة.
لكن في المسالك « تبعا لما عن الميسية أن الإضافة بمعنى من ، لا تكون إلا في من البيانية لا التبعيضية ، نحو خاتم فضة ، وباب ساج ، وهو منتف هنا ، لاشتراطها بصحة إطلاق المجرور بها على المبين ، كما في قوله تعالى (١) ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) وقد صرح بذلك المحقق الرضى وابن هشام وتاهيك بهما ، وحينئذ فينتفي القول بحمل الإضافة في المسألة على معنى من رأسا ، لأن الموضوع المضاف بعض العشرة ولا يصح الاخبار بها عنه فتعين كونها بمعنى اللام ، قلت : فيكون الثمن حينئذ أحد وتسعين إلا جزءا من أحد عشر جزءا نحو المثال الآتي وفيه مضافا إلى ما تسمعه من المناقشة في المثال المساوي له ، منع اعتبار ذلك في الإضافة ؛ قال الزمخشري فيما حكي من كشافه في تفسير قوله تعالى (٢) ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) أنه يجوز الإضافة بمعنى من التبعيضية كأنه قيل ومن الناس من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه.
وعن السيد الشريف أنه نص في بيان معنى فاتحة الكتاب ؛ أن الإضافة بمعنى من قد تكون في من التبعيضية ، ونقله عن بعضهم وعن صاحب الكشاف ، ومن ذلك ينقدح قوة جواز الإضافة بمعنى التبعيض الذي هو أعم من البيانية التي ذكرها ، وأنه لا يعتبر صحة الحمل ولعل التبعيض بالمعنى المزبور حاصل حتى فيما ذكره من المثالين ، خصوصا وقد ذكر هذا الاحتمال جماعة من المحققين ، كالشيخ والمصنف والفاضل والشهيد وفخر الإسلام والمحقق الثاني وغيرهم ، حتى أن جماعة توقفوا في الترجيح بينه وبين كون الإضافة بمعنى اللام ، بل صرح بعضهم بالبطلان مع عدم القرينة لتكافؤ الاحتمالين ، وكل ذلك دليل على صحته ، وإن كان الأقوى ترجيحه على اللام بالتبادر في عرفنا الآن ، وترجيح ذلك عليه بالقياس على المرابحة ؛ فإنه إذا قال : رأس مالي مثلا عشرون ، وبعتك برأس مالي مع مواضعة العشرة درهمين ونصف ، فلو فرض أن ذلك كان بصيغة
__________________
(١) سورة الحج الآية ـ ٣٠.
(٢) سورة لقمان الآية ـ ٦.