« واعتمدنا في نصرة هذا المذهب على عموم ظاهر القرآن ، ثم لما تأملت ذلك رجعت عن هذا المذهب ، لأني وجدت أصحابنا مجمعين على نفى الربا بين من ذكرنا ، وغير مختلفين فيه في وقت من الأوقات ، وإجماع هذه الطائفة قد ثبت أنه حجة ، ويخص به ظاهر القرآن ».
وهو كما ترى بعد اعترافه بالخطإ وأنه مخالف للإجماع في فتواه السابقة ، لا يقدح في تحصيل الإجماع ، بل هو مؤكد له ، مضافا إلى خبر عمرو بن جميع (١) الذي رواه المشايخ الثلاثة عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : « قال : أمير المؤمنين عليهالسلام ليس بين الرجل وولده ربا ، وليس بين السيد وعبده ربا ، » وصحيحي زرارة (٢) ومحمد بن مسلم (٣) الذي رواه الكليني والشيخ عن أبى جعفر « ليس بين الرجل وولده ، وبينه وبين عبده ، ولا بينه وبين أهله ربا ، إنما الربا فيما بينك وبين ما لا تملك ، قلت : فالمشركون بينى وبينهم ربا قال : نعم ، قلت : فإنهم مماليك ، فقال : إنك لست تملكهم ، إنما تملكهم مع غيرك ، أنت وغيرك فيهم سواء ، فالذي بينك وبينهم ليس من ذلك ، لأن عبدك ليس مثل عبدك وعبد غيرك. » فمن الغريب دغدغة بعض المتأخرين في الحكم المزبور ؛ وكأنه ناشئ من اختلال الطريقة ، وإطلاق الخبرين ومعاقد الإجماعات يقضي بأنه يجوز لكل منهما أخذ الفضل من صاحبه كما صرح به الحلي والفاضلان والشهيدان وغيرهم ، بل لعله لا خلاف فيه إلا من الإسكافي ، فقال كما في المختلف لا ربا بين الوالد وولده إذا أخذ الوالد الفضل ، إلا أن يكون له وارث أو عليه دين وهو اجتهاد في مقابلة النص والفتوى.
وكيف كان فلا يتعدى الحكم إلى الأم لحرمة القياس بعد اختصاص الدليل بغيرها ، كما أن الظاهر من النص والفتوى إرادة الولد النسبي دون الرضاعي ، وإن احتمله بعضهم ؛ ولا إطلاق للمنزلة بحيث يشمل المقام ، ضرورة انصرافها للنكاح ونحوه ، نعم
__________________
(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب الربا الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب الربا الحديث ـ ٣.
(٣) الوسائل الباب ٧ من أبواب الربا الحديث ـ ٤.