فالعمل بالنصوص (١) المتقدمة في مبحث الخمس العامة لما نحن فيه المفتي بها في المقام أيضا أقوى منها ، وإن كانت خاصة ، وإن كان جاهلا بالتحريم لخطأ في التقليد أو الاجتهاد أو غيرهما ، فالمعروف بين المتأخرين بل في الدروس نسبته إليهم ، أنه كالعالم في وجوب الرد من غير فرق بين تلف العين وبقائها ، لإطلاق ما دل على حرمة الربا مما هو صريح في عدم انتقاله عن المالك ، والعذر في الحكم التكليفي لا ينافي الفساد الذي هو الحكم الوضعي ، وحينئذ فيجري فيه ما قلناه في العالم ، في ربا القرض وربا البيع ، وقوله تعالى (٢) ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) خلافا للنهاية والنافع والدروس والحدائق والرياض ومحكي الصدوق والراوندي والآبي والقطيفي والأردبيلي ؛ فلم يوجبوا الرد ؛ بل عن التنقيح نسبته إلى الشيخ وأتباعه ، بل قيل أنه ظاهر الطبرسي أو صريحه وكأنه مال إليه في التحرير وحواشي الشهيد ، ولا فرق في ذلك بين وجود المال وتلفه ، كما عن نهاية الاحكام التصريح به.
نعم ظاهر هم اشتراط ذلك بالانتهاء عما مضى ، بأن يتوب عما سلف ، وصرح في الحدائق بصحة المعاملة في هذا الحال ، ولعله مراد الباقين ، إذ الحكم بعدم وجوب الرد مع القول بفساد المعاملة في غاية البعد. نعم قد يقال أن محل كلامهم في ربا القرض ونحوه مما تخص الحرمة الزيادة لا مطلق العوض ، إلا أن إطلاقهم مناف له.
وكيف كان فالعمدة في ذلك بعد الأصل قيل واستصحاب الحكم حال الجهل إلى ما بعد المعرفة ، واختصاص أدلة حرمة الربا كتابا وسنة ـ للتبادر من السياق وقاعدة التكليف ـ بصورة العلم ، خصوصا الآية المزبورة التي هي (٣) ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) مؤيدا بما حكي من سبب النزول ، أن
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخمس.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٩.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٩.