والأمر فيها بالتوبة مع عدم الذنب حال الجهل الذي يعذر فيه ، بل قد اشترط في الآية الحل بها وحمله على الجهل الذي لا يعذر فيه ، ينافيه ما في خبر الباقر عليهالسلام (١) السابق من إلحاق مثله بالعالم وترك الاستفصال فيها عن الربا في القرض والبيع ، وقد عرفت الفرق بينهما ، وغير ذلك على مخالفته الضوابط السابقة ، والاقدام على حل الربا الذي قد ورد فيه من التشديد ما ورد.
وقد نزه ابن إدريس حمل كلام الشيخ على ذلك ، فضلا عن النصوص ، فإنه بعد أن حكى عن الشيخ في النهاية قوله « فمن ارتكب الربا بجهالة ولم يعلم أن ذلك محظور فليستغفر الله ، وليس عليه فيما مضى شيء ؛ ومتى علم أن ذلك حرام ثم استعمله فكل ما يحصل له من ذلك محرم عليه ، ويجب رده على صاحبه ، قال : « المراد بذلك ليس عليه شيء من العقاب بعد استغفاره ، لا أن المراد بذا أنه ليس عليه شيء من رد المال الحرام ، بل يجب عليه رده إلى صاحبه بقوله تعالى (٢) ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) فأما قوله (٣) ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ ) إلى آخره فالمراد والله أعلم فله ما سلف من الوزر وغفران الذنب ، وحق القديم سبحانه بعد انتهائه وتوبته ، لأن إسقاط الذنب عند التوبة تفضل عندنا ، بخلاف ما يذهب إليه المعتزلة.
وقيل في التفسير ذكره شيخنا في التبيان ، (٤) وغيره من المفسرين ، أن المراد بذلك ما كان في الجاهلية من الربا بينهم فقال ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ) فأما ما يجرى من المسلم فيجب رده على صاحبه ، سواء كان جاهلا بحاله ؛ غير عالم بأنه محرم ، أو كان عالم بذلك ، فإنه يجب رد الربا على من أربى عليه من المسلمين جميعا ، فلا يظن ظان ولا يتوهم متوهم على شيخنا فيما قال : غير ما حررناه ، وتبعه في حمل الآية وبعض النصوص على أحد الأمرين العلامة في المختلف.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الربا الحديث ـ ٧.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٩ ص ٢٧٥.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٩ ص ٢٧٥.
(٤) تفسير تبيان ج ٢ ص ٣٦٠ المطبوع في النجف الأشرف.