وعلى كل حال فشرطه عدم قبض الثمن ، وعدم اقباض المبيع ، والحلول فيهما إجماعا بقسميه ، وفي الغنية نسبته إلى رواية أصحابنا ولو لا ذلك لأمكن المناقشة في اشتراط الثاني ، لإطلاق الموثق (١) وغيره الذي لا يقيده ما في سؤال صحيح ابن يقطين ، بل قد يظهر من سؤال صحيح زرارة (٢) إقباض المبيع وتركه عند البائع ، وقد اعترف بعض الأفاضل بعدم ظهور النصوص في الشرط المزبور ، بل ظاهرها خلافه ، لكن قال لعل استناد الأصحاب إليها مبنى على كون القبض عندهم في نحو المتاع النقل لا مجرد قبض اليد.
وفيه أن ذلك مذهب جمع منهم ، والظاهر اتفاقهم هنا على الشرط المزبور ، ولكن الأمر سهل بعد الإجماع المذكور ، فلو وجدا أو أحدهما فلا خيار وإن أبقاه عند صاحبه خلافا للمحكي عن الشيخ من ان للبائع الفسخ متى تعذر الثمن ، وقواه في الدروس ، ولم يستبعده في المسالك ، وهو مع أنه غير ما نحن فيه من خصوص هذا الخيار ـ ضعيف لانه هو أدخل الضرر على نفسه بتسليم المبيع ، ولأن فائدة الفسخ التسلط على العين ، فان تمكن منها أخذها مقاصة كغيرها والا فلا فائدة له.
وعلى كل حال فلو انتفى القبض منهما ولو للبعض فالخيار باق في الكل بلا خلاف وفي خبر ابن الحجاج (٣) دلالة عليه ، وكذا لو قبض فبان مستحقا كلا أو بعضا لانه كعدم القبض بخلاف قبض المعيب فإنه صحيح ويسقط به خيار البائع ، قيل : ويكفي في الثمن مطلق القبض بخلاف المبيع فيشترط فيه اذن البائع ، كما صرح به جماعة ، ولوح اليه آخرون ، لان قبض الثمن من فعل البائع كإقباض المبيع فيسقط حقه بهما ؛ وقبض المشتري ليس فعلا له فلا يسقط حقه بفعل غيره ، وهو جيد لو أن السقوط بالقبض المأذون فيه ، لدلالته على إسقاط الحق ، أما إذا لم يكن لذلك بل لتغير الصورة الثابت فيها الخيار فيبقى على أصل اللزوم ، ففيه ان النصوص أدل هنا على كون القبض للثمن بالاذن فيها على غيره ،
__________________
(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب الخيار الحديث ٤.
(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب الخيار الحديث ١.
(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب الخيار الحديث ٢.