والقضاء بأنه : الإيقاع خارج وقته المحدود له شرعا (١).
وأورد : أن الواجبات الفورية ، كالحسبة ، والحج ، ورد المغصوب ، وإنقاذ الغريق ، والأمانات الشرعية ، والوديعة والعارية إذا طلبتا ، فإن الشرع حدّ لها زمانا للوقوع ، فأوله زمان التكليف ، وآخره الفراغ منها بحسبها ، في طولها وقصرها ، فيصدق عليها المحدود شرعا ، مع انتفاء الأداء والقضاء عنها في الوقت وبعده. وكذلك مقتضى الطلب ، إذا جعلنا الأمر للفور (٢).
والجواب : يمنع التحديد هنا ، لأن المراد بالمحدود : ما ضربه الشارع وقتا مخصوصا للعبادة بحسب المصلحة الباعثة عليه ، لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص. وما ذكر ، المصلحة فيه راجعة إلى المأمور أو إلى المأمور به ، لا بحسب الوقت ، وهو قابل للتقدم والتأخر ، والزيادة والنقصان ، فإن الحسبة تابعة لوقوع المنكر ، أو ترك المعروف ، في أي وقت اتفق ، وزمانها يقصر ويطول. والتكليف بالحج يتبع الاستطاعة ، وحصول الرفقة.
فإن قلت : يلزم أن يكون استدراك رمضان الفائت في سنة الفوات موصوفا بالأداء ، لأن الله تعالى قد جعل له وقتا موسعا محدودا بالرمضان الثاني.
قلت : لما كان يصدق عليه أنه فعل في غير وقته المحدود في الجملة ، كان قضاء ، والتحديد بالسنة أمر اقتضاه الأمر الثاني بالقضاء ، لا على معنى أنه بعد السنة يخرج وقته ، بل بمعنى وجوب المبادرة فيها ، وإلا فوقته بحسب الإجزاء العمر ، وهذا هو معنى غير المحدود.
__________________
(١) أورد هذين التعريفين القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٥٦.
(٢) ذكر هذا الإيراد القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٥٦.