لا يطلق اسم البدعة عندنا إلا على ما هو محرم منها :
أولها : الواجب ، كتدوين القرآن والسنة ، إذا خيف عليهما التفلت (١) من الصدور ، فإن التبليغ للقرون الآتية واجب ، إجماعا ، وللآية (٢) ، ولا يتم إلا بالحفظ. وهذا في زمان الغيبة واجب ، أما في زمان ظهور الإمام فلا ؛ لأنه الحافظ لهما حفظا لا يتطرق إليه خلل.
وثانيها : المحرم ، وهو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة ، كتقديم غير الأئمة المعصومين عليهم ، وأخذهم مناصبهم ، واستئثار ولاة الجور (٣) بالأموال ، ومنعها مستحقها ، وقتال أهل الحق وتشريدهم وإبعادهم ، والقتل على الظنة ، والإلزام ببيعة الفساق والمقام عليها وتحريم مخالفتها ، والغسل في المسح ، والمسح على غير القدم ، وشرب كثير من الأشربة ، والجماعة في النوافل ، والأذان الثاني يوم الجمعة ، وتحريم المتعتين ، والبغي على الإمام ، وتوريث الأباعد ومنع الأقارب ، ومنع الخمس أهله ، والإفطار في غير وقته.
إلى غير ذلك من المحدثات المشهورات ، ومنها بالإجماع من الفريقين (٤) : المكس ، وتولية المناصب غير الصالح لها ببذل أو إرث ، وغير ذلك. وثالثها : المستحب ، وهو ما تناولته أدلة الندب ، كبناء المدارس
__________________
(١) في (م) و (ح) و (أ) : التلف.
(٢) لعله يقصد بها قوله تعالى في سورة البقرة ـ آية : ١٥٩ : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللّاعِنُونَ).
(٣) في (أ) زيادة : عليهم.
(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ٤ ـ ٢٠٢ ـ ٢٠٣.