الصدقة بمال مخصوص ، لأن المستحب هو الصدقة المطلقة ، وخصوصية المال مباحة ، فكما لا تنعقد لو خلصت الإباحة ، فكذا إذا تضمنها النذر. ويحقق الإشكال تجويز بعض الأصحاب (١) فعل الصلاة المنذورة في مسجد فيما هو أزيد مزية منه ، كالحرام والأقصى ، مع أن الصلاة في المسجد سنة وطاعة ، فإذا جازت مخالفتها لطلب الأفضل ، فتعين للصدقة بالمال المعين وعدم إجزاء الأفضل منه مشكل.
ولعل الأقرب : عدم جواز المخالفة في الموضعين (٢) ، لعموم وجوب الوفاء بالنذر ، إما على القول بانعقاد نذر المباحات ، فظاهر ، وإما على الآخر ، فلأن الصدقة والصلاة لما كانتا طاعتين لله ، وقد شخصهما الناذر بمال معين ، ومكان معين ، تعلقت الطاعة بذلك المال والمكان ، فيكون تخصيص المال والمكان مستفادا من تخصيص الطاعة المذكورة.
والأصل فيه : أن المندوبات وإن كانت طاعة ، فهي من حيث هي لا يتصور فيها الوجود ، فضلا عن الطاعة ، بل إنما تصير (٣) موجودة بمشخصاتها من زمان ، ومكان ، ومحل ، وفاعل. فإذا تعلق النذر بهذا الشخص ، انحصرت الطاعة فيه ، كما تنحصر عند فعلها في متعلقاتها ، فلا يجزئ غيرها. ولأنه لو فتح هذا الباب ، لم يكن
__________________
(١) انظر : فخر المحققين ـ أجوبة مسائل ابن زهرة ، في صلاة النذر (مخطوطة بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ضمن مجموع برقم : ٥٤٨).
(٢) استقرب المؤلف في كتابه (الدروس : ١٩٨) : الاجزاء في الصلاة فيما لو صلاها فيما هو أفضل.
(٣) في (م) : تتصور.