والنبات المعروف (بالحشيشة) اتفق علماء عصرنا وما قبله من العصور التي ظهرت فيها (١) على تحريمها (٢). وهل هي لإفسادها ، فيعزر فاعلها ، أو لإسكارها ، فيحد؟
قال بعض العلماء (٣) : وهي إلى الإفساد أقرب ، لأن فعلها السبات (٤) ، وزوال العقل بغير عربدة ، حتى يصير شاربها أشبه شيء بالبهيمة.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الحدّ منوط بالعربدة والنشوة ، بل يكفي فيه زوال العقل ، وقد اشتهر زوال العقل بها ، فيترتب عليه الحد. وهو اختيار الفاضل في القواعد (٥). وقد حدّ بعضهم (٦) السكر : بأنه اختلال الكلام المنظوم وظهور السّر المكتوم. وفي المشهور أن هذا حاصل فيها (٧).
__________________
(١) قيل : إنها ظهرت في أواخر المائة السادسة. انظر : ابن الشيخ حسين ـ تهذيب الفروق ، بهامش الفروق : ١ ـ ٢١٦.
(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٦.
(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٦ ، ٢١٨ ، وابن حجر الهيثمي ـ الزواجر : ٢ ـ ١٥٠.
(٤) السبات النوم ، وأصله الراحة ، ومنه قوله تعالى في سورة النبإ : ٩ (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً). انظر : الجوهري ـ الصحاح : ١ ـ ٢٥٠ ، مادة (سبت) (الطبعة المحققة ، ط. دار الكتب العربي بمصر).
(٥) ص : ٢٠٦ ، ٢٤٨.
(٦) هو الشافعي. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٣٨.
(٧) أي في الحشيشة.