وقاطعا بالتقرب إلى بارئه سبحانه وتعالى ، للقطع بسببه (١). ومن ثمَّ إذا نسي صلاة ، ولم يعلمها ، وقلنا بوجوب الخمس أو الثلاث ، لا تقول بأن الناوي متردد في النية ، فتبطل نيته ، بل هو جازم بحصول سبب الوجوب ، وهو الشك.
وبهذا يندفع قول من قال (٢) : تتصور النية في النّظر الأول الّذي يعلم به وجود الصانع ، بأن ينوي مع الشك ، كما نوى في هذه المواضع ؛ لأن الشك هنا غير حاصل ، للجزم بوجود (٣) سببه ، فيجب مسببه. وإن كنا لا نقول بأن جميع أقسام الشك سبب الإيجاب ؛ لأن منها ما يلغى قطعا ، كمن شك هل طلق ، أم لا؟ وهل سها في صلاته أم لا (٤)؟
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الشك سبب في شيء مما ذكر ، أما الشك في الطهارة فالوجوب مستند إلى الحدث بشرط وجوب الصلاة ، والأصل عدم فعلها. وكذلك الصلاة والزكاة. وأما التحريم ، فسببه أن اجتناب الحرام واجب ، ولا يتم إلا باجتنابهما. وكذا نقول (٥) في الصلاة المنسية فلا يكون الشك سببا في وجوب شيء مما ذكر.
وأما النّظر المعرّف للوجوب ، فليس له قبله أصل يرجع إليه ، ليكون سببا في نيته الواقعة على طريقة التردد (٦).
__________________
(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(٢) قاله بعض العلماء. انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٥.
(٣) في (ح) و (م) : بوجوب.
(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٦.
(٥) في (أ) : القول.
(٦) في (ح) : الترديد.