ناذر المشي في موضع العبور.
ويجاب : بأنه خرج بقوله عليهالسلام : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (١).
وربما كان المتوسل إليه حراما والوسيلة غير حرام ، كدفع المال إلى المحارب ليكف ، ودفع المال إلى الحربي للكف ، عند العجز عن مقاومتهما ، أو في فك أسرى المسلمين ؛ فان انتفاعهم بذلك المال حرام ، ولكن لما لم يكن مقصودا للدافع ، لم يكن الدفع حراما.
ومما حرم لكونه وسيلة إلى المعصية : ترخّص العاصي بسفره ؛ لأن ترتب الرخصة على المعصية سعي في تكثير تلك المعصية.
ولو قارنت المعاصي أسباب الرخص لم تحرم ؛ للإجماع على جواز التيمم للفاسق العاصي إذا عدم الماء. وكذلك الفطر إذا أضرّ به الصوم ، والقعود في الصلاة إذا عجز عن القيام (٢) ؛ لأن الأسباب هنا غير معصية ، بل هي عجزه عن الماء ، أو العبادة ، والعجز ليس معصية. فالمعصية هنا مقارنة للسبب لا سبب.
فان قلت : مساق هذا الكلام ، أن العاصي بسفره يباح له الميتة ؛ لأن سبب أكله خوفه على نفسه ، لا سفره. فالمعصية مقارنة لسبب الرخصة ، لا أنها هي السبب (٣).
قلت : لا نصّ فيه للأصحاب ، وهذا متجه ، وإلا لزم أن
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ ـ ٢٥٨ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.
(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٣ ـ ٣٤.
(٣) أورد القرافي هذا الإشكال لبعض الفقهاء. انظر : الفروق : ٢ ـ ٣٤.