و «في الخصام» متعلّق بـ ««مبين». وإضافة «غير» إليه لا تمنعه ، لما عرفت.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص : ينشّأ ، أي : يربّى.
وعن قتادة : قلّما تكلّمت امرأة فأرادت أن تتكلّم بحجّتها إلّا تكلّمت بالحجّة عليها.
وفيه أنّه جعل النشء في الزينة والنعومة من المعايب والمذامّ ، وأنّه من صفة ربّات الحجال ، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه.
ثمّ بيّن كفرا آخر تضمّنه مقالتهم الشنيعة ، فقال : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) أي : جعلوا أكمل العباد وأكرمهم على الله تعالى أنقصهم رأيا وأخسّهم صنفا. فهم جمعوا في كفرة ثلاث كفرات ، وذلك أنّهم نسبوا إلى الله الولد ، ونسبوا إليه أخسّ النوعين ، وجعلوه من الملائكة الّذين هم أكرم عباد الله على الله ، واستحقروهم واستخفّوا بهم.
وقرأ الحجازيّان وابن عامر ويعقوب : عند الرحمن ، على تمثيل زلفاهم واختصاصهم.
ثمّ ردّ ذلك عليهم بقوله : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) أحضروا خلق الله إيّاهم فشاهدوهم إناثا ، فإنّ ذلك ممّا لا يعلم إلّا بالمشاهدة. وهو تجهيل وتهكّم بهم.
يعني : أنّهم يقولون ذلك من غير أن يستند قولهم إلى علم ، فإنّ الله تعالى لم يضطرّهم إلى علم ذلك ، ولا تطرّقوا إليه باستدلال ، ولا أحاطوا به عن خبر يوجب العلم ، فلم يبق إلّا أن يشاهدوا خلقهم ، فيخبروا عن هذه المشاهدة. وهذا كقوله : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) (١).
وعن نافع : أشهدوا على افعلوا ، بضمّ الهمزة وسكون الشين ، وقبلها همزة الاستفهام مفتوحة ، ثمّ تخفّف الثانية بين بين. وآأشهدوا ، بمدّة بينهما برواية قالون.
__________________
(١) الصافّات : ١٥٠.