الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أجاب عنه ربّه : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) (١). فدلّ به على أنّ الآية خاصّة في الأصنام. على أنّ ظاهر قوله : (وَما تَعْبُدُونَ) لغير العقلاء.
وقيل : لمّا سمعوا قوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) (٢) قالوا : نحن أهدى من النصارى ، لأنّهم عبدوا آدميّا ونحن نعبد الملائكة ، فنزلت. وقوله : (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) على هذا القول تفضيل لآلهتهم على عيسى ، لأنّ المراد بهم الملائكة.
وقيل : لمّا نزلت : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ) قالوا : ما يريد محمّد بهذا إلّا أن نعبده ، وأنّه يستأهل أن يعبد وإن كان بشرا ، كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر. فالضمير في «أم هو» لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم السخريّة به والاستهزاء.
وروى سادة أهل البيت عليهمالسلام عن عليّ عليهالسلام أنّه قال : «جئت إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما فوجدته في ملأ من قريش ، فنظر إليّ ثمّ قال : يا عليّ مثلك في هذه الأمّة كمثل عيسى بن مريم ، أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا ، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا ، واقتصد فيه قوم فنجوا. فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا : يشبّهه بالأنبياء والرسل. فنزلت الآية.
(إِنْ هُوَ) وما عيسى (إِلَّا عَبْدٌ) كسائر العبيد (أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوّة وخلقه من غير أب (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أمرا عجيبا لهم ، بأن خلقناه من غير سبب كما خلقنا آدم ، وصيّرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر. وهو كالجواب المزيح لتلك الشبهة.
ثمّ قال سبحانه دالّا على كمال قدرته ، وعلى أنّه لا يفعل إلّا الأصلح : (وَلَوْ
__________________
(١) الأنبياء : ١٠١.
(٢) آل عمران : ٥٩.