سَيِّئاتِهِمْ) لتوبتهم ، أو تفضّلا عليهم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون فيهما.
(فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) في محلّ النصب على الحال ، أي : كائنين في عدادهم ، أو مثابين ، أو معدودين فيهم (وَعْدَ الصِّدْقِ) مصدر مؤكّد لنفسه ، فإنّ قوله : «نتقبّل» و «نتجاوز» وعد من الله لهم بالتقبّل والتجاوز (الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) أي : في الدنيا ، بأن يتقبّل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم إذا تابوا ، أو إذا شاء أن يتفضّل عليهم.
(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) مبتدأ خبره «أولئك» الآتي ، فإنّ المراد بالموصول الجنس. والأفّ صوت إذا صوّت به الإنسان علم أنّه متضجّر. فهي كلمة تبرّم يقصد بها إظهار التسخّط. واللام للبيان. ومعناه : بعدا لكما. وقيل : معناه : نتنا وقذرا لكما ، كما يقال عند شمّ الرائحة الكريهة. ووجوه قراءاته قد مرّت في سورة بني إسرائيل (١). (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أبعث حيّا. وقرأ هشام : أَتعدانّي ، بنون واحدة مشدّدة. (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) فما أخرجوا ، ولم يرجع أحد منهم.
(وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) يطلبان منه الغوث ويقولان : الغياث بالله منك. أو يسألانه أن يغيثه بالتوفيق للإيمان. (وَيْلَكَ آمِنْ) أي : يقولان له : ويلك. وهو دعاء عليه بالثبور. والمراد به الحثّ على ما يخاف على تركه من الايمان ، لا حقيقة الهلاك. (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث والنشور والثواب والعقاب (حَقٌ) ثابت واقع.
(فَيَقُولُ) هو في جوابهما (ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أباطيلهم الّتي سطّروها ، وليس لها حقيقة.
وقيل : إنّ الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر ، قال له أبواه : أسلم ، وألحّا عليه. فقال : أحيوا لي عبد الله بن جدعان ومشايخ قريش حتّى أسألهم عمّا تقولون.
وروي : أنّ معاوية حين كتب إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد ، قال عبد الرحمن : لقد جئتم بها هرقليّة ، أَتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان : يا أيّها الناس
__________________
(١) راجع ج ٤ ص ٢٣ ، ذيل الآية ٢٣ من سورة بني إسرائيل.