فلمّا قضي الوحي قال : ادعي زوجك. فقرأ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) تراجعك في شأنه سؤالا وجوابا (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) وتظهر شكواها وما بها من المكروه ، فتقول : اللهمّ إنّك تعلم حالي فارحمني ، فإنّ لي صبية صغارا ، إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا. ومعنى «قد» التوقّع ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمجادلة كانا يتوقّعان أن يسمع الله مجادلتها وشكواها ، وينزل في ذلك ما يفرّج عنها كربها. وأدغم حمزة والكسائي وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر دالها في السين.
(وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) تراجعكما الكلام. وهو على تغليب الخطاب. (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) للأقوال والأحوال.
ولمّا كان الظهار من عادة الجاهليّة ، ومن أيمانهم خاصّة دون سائر الأمم ، وبّخهم الله تعالى وهجّنهم في ذلك ، فقال :
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) أي : يقولون لهنّ : أنتنّ كظهور أمّهاتنا. مشتقّ من الظهر. وأصل «يظّهّرون» : يتظهّرون. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي : يظّاهرون ، من : اظّاهر. وعاصم : يظاهرون ، من : ظاهر. (ما هُنَ) ما الزوجات اللاتي يظاهرونهنّ (أُمَّهاتِهِمْ) على الحقيقة ، فإنّ إلحاق الزوجة بالأمّ ، وجعلها مثلها بقول : أنت عليّ كظهر أمّي ، تشبيه باطل ، لتباين الحالين.
(إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) فلا تشبّه بهنّ في الحرمة إلّا من ألحقها الله بهنّ كالمرضعات ، لأنّهنّ لمّا أرضعن دخلن بالرضاع في حكم الأمّهات شرعا ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب». وكذلك أزواج الرسول ، لأنّ الله تعالى حرّم نكاحهنّ على الأمّة ، فدخلن بذلك في حكم الأمّهات ، بخلاف الزوجات ، فإنّهنّ أبعد شيء من الأمومة ، لأنّهنّ لسن بأمّهات حقيقة ، ولا بداخلات