في حكم الأمّهات. فكان قول المظاهر منكرا ، كما قال عزّ اسمه : (وَإِنَّهُمْ) أي : المظاهرين (لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) إذ الشرع أنكره (وَزُوراً) وكذبا منحرفا عن الحقّ. وعن عاصم : أمّهاتهم بالرفع ، على اللغة الحجازيّة والتميميّة. (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) لما سلف منه مطلقا ، أو إذا تيب عنه.
وهل يقع الظهار لو شبّهها بغير الظهر ، كالبطن والفخذ وغير ذلك من الأعضاء؟ الأقوى عندنا عدم الوقوع. وكذا لو شبّه عضوا من زوجته بظهر أمّه ، الأقرب عدم الوقوع أيضا ، اقتصارا على منطوق النصّ ، وجمودا في التحريم على ما أبلغ عليه. قال الفقهاء : إذا شبّهها بجزء يحرم النظر إليه ـ كالبطن والفخذ ـ وقع.
والآية تدلّ على أنّ الظهار حرام ، لوصفه بالمنكر. نعم ، لا عقاب فيه ، لتعقيبه بذكر المغفرة والرحمة. وهو ملحق بالصغائر الّتي تقع مكفّرة.
ثمّ بيّن حكم الظهار ، فقال : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) يتداركون ما قالوا ، لأنّ المتدارك للأمر عائد إليه. وقال الفرّاء : يعودون لما قالوا ، وإلى ما قالوا ، وفيما قالوا. معناه : يرجعون عمّا قالوا. يقال : عاد لما فعل ، أي : نقض ما فعل. ومنه المثل : عاد الغيث على ما أفسد ، أي : تداركه بالإصلاح. وذلك عندنا وعند مالك بإرادة الوطء. وإضمار الإرادة في العود كإضمارها في قوله : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) (١). وعند الشافعي بإمساك المظاهر عنها في النكاح زمانا يمكنه مفارقتها فيه. وعند أبي حنيفة باستباحة استمتاعها ولو بنظرة شهوة.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أي : فعليهم ، أو فالواجب إعتاق رقبة. والفاء للسببيّة. ومن فوائدها الدلالة على تكرّر وجوب التحرير بتكرّر الظهار. والرقبة مقيّدة بالأيمان عندنا وعند الشافعي.
__________________
(١) النحل : ٩٨.