للتحقيق. فكان فيها تفسير الغريب ، والتعريف ببعض الأعلام ، وتذليل مشكل العبارات ، وتحديد مصادر الاقتباس والأقوال ، وتخريج ما تيسّر من الشواهد القرآنيّة والشعريّة والنثريّة ، مع الإحالة على المصادر والمراجع التي تعتمد.
ففي الآيات الكريمة من المتن اختلفت النسخ مرارا ، فكان في كلّ منها قراءات تقتضي الضبط والتحقيق. ولذلك تابعت ما اختلفت فيه ، ورددت كلّ وجه إلى الذين نسب إليهم من القرّاء ، محيلا على المصادر المعتمدة.
وفي شواهد الشعر والرجز ، نسبت الغفل إلى أشهر من عزي إليه ، ثم سردت أكبر عدد من المصادر ، بغية تيسير دراسة الكتاب ، ومقارنة نصه بنصوص الكتب الأخرى. على أنّني بقي لديّ عديد من الأبيات دون نسبة ، ينتظر بذل المحقّقين والدارسين ، كما بقيت بضعة أبيات بروايات غريبة ، تتطلب النظر والاختبار. هذا مع أنّ كثيرا من الشواهد قد أصابه التشويه ، فسدّدت ما استطعت تسديده ، وأعرضت عمّا تعذّر عليّ فيه ذلك.
ثم اختتمت النصّ بالفهارس الفنيّة التقليديّة ، مضيفا إليها لونين اثنين لهما قيمة في مثل هذا الكتاب : أمّا الأوّل فهو فهرس الأمثلة. ذلك لأنّ ما يورده قدماء النحاة ، من أمثلة نثريّة ، هو في الحقيقة شواهد تقتضي الدراسة والتدبّر ، ولا يجوز إغفالها بالزعم أنّها من صنيع المصنّفين. إنّها جمل وتراكيب وعبارات لها قيم لغويّة ونحويّة وتاريخيّة ، وإنّ جمعها في فهرس منسّق لييسّر اكتشاف تلك القيم.
وأمّا الثاني فهو فهرس المصطلحات. ولسوف ترى ، في هذا الكتاب ، نماذج متميّزة من الدلالات الاصطلاحيّة ، بعضها قريب من عرف النحاة واللغويين والبلاغيّين والنقّاد ، وبعضها الآخر مخالف لما عرفه هؤلاء ، والبعض الأخير غريب في بابه ، يمدّ الدارس بمعلومات كانت خفيّة مجهولة. ولذا كان في فهرسة المصطلحات خدمة للكتاب وللباحثين. فهي تقدم حصرا دقيقا منسقا يكشف الأصول المعتمدة في استخدام المصطلح وصياغته ، والوجهات المختلفة