ومع هذا الإفتاء يتضح حال المسلمين في جميع أقطار العالم الإسلامي الذين يستشفعون بهم ، اقتداء بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
روح البطش والسفك واللجاجة في هؤلاء لا تخفى على أحد ، وهكذا جهلهم بالمسائل الإسلامية والقرآنية.
* * *
نظرة على منطق الوهّابيين في حقل الشفاعة
وهكذا يظهر ممّا نقلنا عن مؤسس الحركة الوهّابية «محمّد بن عبد الوهّاب» أنّ اتّهام الوهّابيين بالشرك للمؤمنين بالشفاعة يستند إلى مسألتين :
١ ـ التشابه بين المؤمنين بشفاعة الأنبياء والصالحين ، وبين المشركين في عصر الجاهلية.
٢ ـ نهي القرآن عن عبادة غير الله وعن دعوة فرد مع الله : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١) ، والاستشفاع نوع من العبادة.
بالنسبة للمسألة الاولى ، ارتكب الوهّابية خطأ فظيعا ، وذلك للأسباب التالية :
أوّلا : القرآن أقرّ منزلة الشفاعة بصراحة لجمع من الأنبياء والصالحين والملائكة كما مرّ، لكنه قيّدها بإذن الله. وليس من المعقول إطلاقا أن يكون الله قد نهى عن الاستشفاع المشروط بإذن الله بمن قد منحهم هو سبحانه هذه المنزلة.
وصرّح القرآن بطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم ، وهكذا صرّح بطلب الصحابة إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يستغفر لهم أيضا.
أليست هذه من المصاديق الواضحة لطلب الشفاعة؟! إن الاستشفاع برسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بعبارة : «اشفع لنا عند الله» هي نفسها عبارة إخوة يوسف إذ قالوا لأبيهم :
__________________
(١) الجن ، ١٨.