وكانوا يقولون : إن عنصرنا أسمى من عنصر العرب ، ونحن المؤهلون لحمل الرسالة لا غيرنا ، لأن العرب أهل أوثان.
وكانوا يدّعون أحيانا أنهم أبناء الله وأن الجنّة لهم لا لغيرهم.
القرآن يردّ على كلّ هذه الأقاويل ويقول : (أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ).
فالله سبحانه ليس ربّ شعب أو قبيلة معينة ، إنه ربّ العالمين.
واعلموا أيضا أن لا امتياز لأحد على غيره إلّا بالأعمال ، وكل شخص رهن أعماله (وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ).
مع فارق ، هو إن كثيرا منكم يشركون في توحيدهم : (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ).
الآية التالية تجيب على واحد آخر من هذه الادعاءات الفارغة وتقول : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى)؟!
ثم تجيب الآية عن هذا الادعاء بشكل رائع فتقول : (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ)؟! فالله أعلم أنهم ما كانوا يهودا ولا نصارى.
وقد تعلمون أنتم أيضا أن هؤلاء الأنبياء أدّوا رسالتهم قبل موسى وعيسى.
وإن كنتم لا تعلمون فإطلاق مثل هذه الأقوال بدون علم وتثبيت تهمة وذنب ، وكتمان للحقيقة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ).
اعلموا أنه (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
حين ينتهج الإنسان خط العناد واللجاج فإن إعراضه عن الحقيقة لا حدّ له ، ينكر أبسط المسلّمات ، ويرفض أوضح الواضحات. والآية تذكر نموذجا لذلك في هذه المجموعة التي بلغ بها العناد واللجاج أن تعتبر أنبياء الله ـ الذين سبقوا موسى وعيسى من أمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ـ من اليهود أو النصارى.
وبذلك يكتمون حقيقة واضحة لها ارتباط بإيمان النّاس ومعتقداتهم ، ولذلك يصف