١ ـ أهمّ عامل للانتصار أشارت إليه الآية بعبارة : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ، فالآية تبشّر بالنجاح أولئك الصابرين المقاومين ، ومؤكدة أن الصبر رمز الإنتصار.
٢ ـ الالتفات إلى أن نكبات الحياة ومشاكلها مهما كانت شديدة وقاسية فهي مؤقّتة وعابرة وهذا الإدراك يجعل كل المشاكل والصعاب عرضا عابرا وسحابة صيف ، وهذا المعنى تضمنته عبارة : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
«كلمة الاسترجاع» هذه خلاصة كل دروس التوحيد ، والانقطاع إلى الله ، والاعتماد على ذاته المقدسة في كل شيء وفي كل زمان. وأولياء الله ينطلقون من هذا التعليم القرآني ، فيسترجعون لدى المصائب كي لا تهزمهم الشدائد ، وكي يجتازوا مرحلة الاختبار بسلام في ظل الإيمان بمالكية الله والرجوع إليه.
قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام في تفسير الاسترجاع : «إنّ قولنا : إنّا لله إقرار على أنفسنا بالملك ، وقولنا : إنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلك».(١)
٣ ـ الاستمداد من قوّة الإيمان والألطاف الإلهية عامل مهم آخر في اجتياز الاختبار دون اضطراب وقلق وفقدان للتوازن. فالسائرون على طريق الله يتقدّمون بخطوات ثابتة وقلوب مطمئنة لوضوح النهج والهدف لديهم. وترافقهم الهداية الإلهية في اختيار الطريق الصحيح ، يقول سبحانه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢).
٤ ـ التدقيق في تأريخ الأسلاف ، وإمعان النظر في مواقفهم من الاختبارات الإلهية ، عامل مؤثر في إعداد الإنسان لاجتياز الامتحان الإلهي بنجاح.
لو عرف الإنسان بأن ما أصيب به ليس حالة شاذّة ، وإنما هو قانون عام شامل لكل الأفراد والجماعات ، لهان الخطب عليه ، ولتفهم الحالة بوعي ، ولاجتاز المرحلة بمقاومة وثبات. ولذلك يثبّت الله سبحانه على قلب نبيّه والمؤمنين
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٩٩.
(٢) العنكبوت ، ٦٩.