باستعراض تأريخ الماضين ، وما واجهه الأنبياء ، والفئات المؤمنة من محن ومصائب خلال مراحل دعوتهم ، يقول سبحانه : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ). (١).
ويقول تعالى : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) (٢).
٥ ـ الالتفات الى حقيقة علم الله سبحانه بكل مجريات الأمور ، عامل آخر في التثبيت وزيادة المقاومة.
المتسابقون في ساحة اللعب يشعرون بالارتياح حينما يعلمون أنهم في معرض أنظار أصدقائهم من المتفرجين ، ويندفعون بقوّة أكثر في تحمل الصعاب.
إذا كان تأثير وجود الأصدقاء كذلك ، فما بالك بتأثير استشعار رؤية الله لما يجري على الإنسان وهو على ساحة الجهاد والمحنة؟! ما أعظم القوّة التي يمنحها هذا الاستشعار لمواصلة طريق الجهاد وتحمل مشاقّ المحنة!
حين واجه نوح عليهالسلام أعظم المصائب والضغوط من قومه وهو يصنع الفلك ، جاءه نداء التثبيت الإلهي ليقول له : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) (٣).
وعبارة «بأعيننا» كان لها ـ دون شك ـ وقع عظيم في نفس هذا النّبي الكريم ، فاستقام وواصل عمله حتى المرحلة النهائية دون الالتفات إلى تقريع الأعداء واستهزائهم.
ورد عن سيّد الشهداء الحسين بن علي عليهالسلام أنّه قال بعد أن تفاقم الخطب أمامه في كربلاء ، واستشهد أصحابه وأهل بيته : «هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله»(٤).
__________________
(١) الأنعام ، ١٠.
(٢) الانعام ، ٣٤.
(٣) هود ، ٣٧.
(٤) بحار الأنوار ، ج ٤٥ ، ص ٤٦.