بالواجب فقط ولا ينفق درهما في إيثار. والمحسنون الحقيقيون هم الذين ينفقون في المجالين معا.
يلفت النظر أن الآية ذكرت عبارة (عَلى حُبِّهِ) بعد الإنفاق المستحب. ولم تذكر ذلك مع الزكاة الواجبة. ولعل ذلك يعود إلى أن أداء الحقوق الواجبة وظيفة إلهية واجتماعية ، والفقراء ـ في منطق الإسلام ـ شركاء في أموال الأغنياء ، ودفع المال للشريك لا يحتاج إلى العبارة المذكورة.
الخامس من الأصول : الوفاء بالعهد : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) ، فالثقة المتبادلة رأس مال الحياة الاجتماعية. وترك الوفاء بالعهد من الذنوب التي تزلزل الثقة وتوهن عرى العلاقات الاجتماعية ، من هنا وجب على المسلم أن يلتزم بثلاثة أمور تجاه المسلم والكافر ، وإزاء البرّ والفاجر ، وهي : الوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، واحترام الوالدين (١).
الأساس السادس والأخير من أسس البرّ في نظر الإسلام : الصبر (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ) (حال الفقر والمسكنة) (وَالضَّرَّاءِ) (حال المرض) (وَحِينَ الْبَأْسِ) (حال القتال مع الأعداء) (٢).
ثم تؤكد الآية على أهمية الأسس الستة وعلى عظمة من يتجلّى بها ، فتقول :(أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
صدقهم يتجلّى في انطباق أعمالهم وسلوكهم مع إيمانهم ومعتقداتهم ، وتتجلى تقواهم في التزامهم بواجبهم تجاه الله وتجاه المحتاجين والمحرومين وكل المجتمع الإنساني.
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، باب البر بالوالدين ، ص ١٢٩ ، حديث ١٥.
(٢) البأساء من البؤس وهو الفقر ، والضراء تعني الألم والمرض ، وحين البأس أي حين الحرب (مجمع البيان ، الآية).