الاعتراضات : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ).
فالحياة الاجتماعية لا يمكن أن تطوي مسيرتها الحياتية التكاملية ، دون اقتلاع العوامل المضرّة الهدامة فيها. ولما كان القصاص في هذه المواضع يضمن استمرار الحياة والبقاء ، فإن الشعور بضرورة القصاص أودع على شكل غريزة في وجود الإنسان.
أنظمة الطب والزراعة والرعي قائمة على أساس هذا الأصل العقلي ، وهو إزالة الموجودات المضرة الخطرة. فنرى الطب يجيز قطع العضو الفاسد إذا شكل خطورة على بقية أعضاء الجسد ، وتقتلع النباتات والأغصان المضرة من أجل استمرار نمو النباتات المفيدة بشكل صحيح.
أولئك الذين يرون في الاقتصاص من القاتل قتلا لشخص آخر ، ينظرون إلى المسألة من منظار فردي. ولو أخذوا بنظر الإعتبار مصلحة المجتمع ، وعلموا ما في القصاص من دور في حفظ سائر أفراد المجتمع وتربيتهم ، لأعادوا النظر في أقوالهم.
إزالة مثل هؤلاء الأفراد الخطرين المضرين من المجتمع ، كقطع العضو الفاسد من جسد الإنسان ، وكقطع الغصن المضر من الشجرة. ولا أحد يعترض على قطع ذلك العضو وهذا الغصن. هذا بشأن الاعتراض الأول.
وبالنسبة إلى الاعتراض الثاني ، لا بدّ من الالتفات إلى أن تشريع القصاص لا ارتباط له بمسألة الانتقام. لأن الهدف من الانتقام إطفاء نار الغضب المتأججة لمسألة شخصية ، بينما القصاص يستهدف الحيلولة دون استمرار الظلم في المجتمع ، وحماية سائر الأبرياء.
وبشأن الاعتراض الثالث القائل إن القاتل مريض نفسيا ، ولا تصدر هذه الجريمة من إنسان طبيعي ، لا بدّ أن نقول : هذا الكلام صحيح في بعض المواضع ،