.................................................................................................
______________________________________________________
سلّمنا أنّ الأصل في العبادة الجواز لكن ليس الأصل إجزاء عبادة عن اخرى وجواز سقوط الركعتين من الأربع وإبدالهما بخطبتين إلّا أن يؤوّل إلى الاستصحاب المتقدّم ، وقد أجمعوا على صفة زائدة لإمامها عند ظهور الإمام وهي إذنه له خاصّة فيها ، ولذا لم يصلّها أحد منهم عليهمالسلام ولا من أصحابهم منذ قبضت أيديهم عليهمالسلام ، والأصل بقاء هذا الشرط على اشتراطه في الغَيبة إلى أن يظهر الخلاف.
ولمّا استمرّ امتناع الأئمّة صلوات الله عليهم وأصحابهم منها واشتهر بين العامّة والخاصّة اشتراط فعلها بإذن الإمام فيه بخصوصه عند ظهوره بل أجمع عليه قولاً وفعلاً ولم يظهر لنا الفرق بين الظهور والغَيبة ولا ظهر تعيّن الجمعة في الغيبة بل حكي الإجماع متواتراً على العدم لزم العدول عن تلك الاصول ، وسقط ما قيل : من أنّ الأصل الجواز في كلّ صلاة ، وإنّما خرج من ذلك زمن الظهور بالإجماع وبقي زمن الغَيبة على الأصل وسقط احتمال بقاء تلك الاصول زمن الظهور وأنّ الامتناع إنّما كان للتقية.
فلم يبق لهم من الأدلّة إلّا الخبر الّذي قال في «حاشية المدارك» أنه يدلّ على الوجوب التخييري دلالة ظاهرة ، قال : وهو ما رواه الشيخ في مصباحه (١) والصدوق في أماليه (٢) في الصحيح عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليهالسلام أنه «قال : إنّي احبّ الرجل أن لا يخرج من الدنيا حتّى يتمتّع ولو مرّة أو يصلّي الجمعة في جماعة». وفي «الأمالي» : «ولو مرّة» أيضاً. وفيه : أوّلاً أنه إنّما أفاد استحباب صلاة الجمعة جماعةً ، وأمّا عمومه لكلّ جماعة أو إطلاقه فلا ، مع أنّ صلاة الجمعة تعمّ الرباعية. وثانياً أنه يحتمل حضور جماعات العامّة كما أشار إليه المفيد (٣) في خبري زرارة وعبد الملك ، إلّا أن يقال : إنّ فهم المفيد معارض بفهم
__________________
(١) مصباح المتهجّد : صلاة الجمعة ص ٣٢٤.
(٢) لم نعثر على هذا الخبر في أمالي الصدوق حسبما تفحّصنا فيه.
(٣) المقنعة : في صلاة الجمعة ص ١٦٤.