.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : قد يتكلّف في تأويل عبارة التذكرة فيقال (١) : إنّ المراد أنّ الإشكال فيما إذا ذكر الحرف من دون إرادة التكلّم به كأن يكون أراد أن يقول «قيام» مثلاً فقال «ق» ثمّ سكت أو عدل ، فإنّه بمجرّد صدور «ق» يتبادر منه الأمر بالوقاية وعند ذكر «يام» يظهر أنّ المراد «قيام» فتأمّل.
وكيف كان ، فقد علمنا من إجماعهم على بطلان الصلاة بالتكلّم بحرفين مهملين كانا أو مستعملين أنّ الكلام المبطل للصلاة في الأخبار والإجماعات ليس هو كلام النحويين ، وعرفنا من إجماعهم على عدم بطلان الصلاة بالتكلّم بحرف واحد غير مفهم ولا بعده مدّة ، أنّ الحرف الواحد ليس بكلام عندهم ، وهو كذلك لغةً وعرفاً.
فقد تحصّل من هذا أمران قطعيّان ، الأوّل : أنّ المدار في الكلام على اللغة لا عرف النحويين ، لأنّ الأوّل هو المطابق للعرف العامّ. والثاني : أنّ الحرف بالشرطين غير مبطل ، فقولنا «ق» و «ع» من الوقاية والوعاية لا يبطلان ، لأنّهما إنّما يعدّان كلاماً في عرف النحاة إذا وصلا بغيرهما ك «ق زيداً» أو بهاء السكت ك «قه» وبدون ذلك حالهما حال «ق» من قيام لا تبطل بهما الصلاة ولا يعدّان كلاماً لغةً ولا عرفاً ، على أنّا قد قطعنا أنّ كلام النحويين غير معتبر هنا ، فالإجماع على أنّ التكلّم بحرفٍ واحد لا يبطل متناول لهما قطعاً ، فلا تردّد عندنا في عدم بطلان الصلاة بذلك. وما شأن «ق» أمراً حيث لا يتعلّق بشيء إلّا شأن باء الجرّ وواو القسم حيث لا تتعلّقان بشيء وإن كان كلّ واحد منهما كلمة عرفاً ، والصلاة لا تبطل بواحد منهما قطعاً. وبهذا التحرير ينحلّ الإشكال حتّى عن «الروض (٢)» ولا تصغ بعد هذا إلى خلاف من خالف أو توقّف من توقّف ، لأنّ الإجماعين قد قضيا بما ذكرناه وساعدهما العرف واللغة وشهدت بهما الأخبار «مَن أنّ في صلاته فقد تكلّم».
__________________
(١) القائل هو البهبهاني في المصابيح : ج ٢ ص ٣١٧ س ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٢) روض الجنان : في الخلل ص ٣٣١.