.................................................................................................
______________________________________________________
لأنّا نقول : المدار في الاستدلال على الصحاح ولم تذكر فيها الشروط المسلّمة فيلزم فيها تأخير البيان عن وقت الحاجة إن سلّمنا أنّ وقت الخطاب وقت الحاجة ، وكذا الحال بالنسبة إلى الأخبار الّتي ذكر فيها بعض الشروط ، على أنّك قد عرفت أنّ المقام ليس مقام حاجة وبدونه لا يتمّ الاستدلال.
فإن قلت : لعلّ وقت صدور الأحاديث الدالّة على الشروط المسلّمة كان وقت الحاجة.
قلت : لم يرد حديث مستوفىً لجميع الشروط ، بل ثبتت متفرّقة من أخبار متفرّقة وكلّ حديث منها تضمّن بعض الشروط ، على أنه لو تمّ ما ذكرت لكان الدليل أحاديث الشروط خاصّة ، لأنّها تغني عن الصحاح ، فكيف يجعلون الدليل هو الصحاح؟ ثم إنّ أحاديث الشروط تضمّنت أنّ هذا شرط وهذا لا ينفي أنّ غيره شرط ، وإلّا لتدافعت أحاديث الاشتراط.
فإن قيل : يجوز أن يكون الوجوب طلبيّاً لا بالنسبة إلى الرواة ، بل بالنسبة إلى مَن يمكنه إقامتها من غير تقية ، فلا بدّ أن يذكر المعصوم جميع شرائطها ، ولمّا لم يذكر هذا الشرط علمنا أنه ليس شرطاً.
قلنا : إن أردت الاحتمال ففيه : أنه لا يناسب الاستدلال ولا بدّ من إثبات ذلك من الصحاح ودونه خرط القتاد ، على أنه يرد عليه كثير ممّا تقدّم.
ثمّ إنّ الأخبار الخمسة (١) الاول الّتي ذكرناها في صدر أدلّتهم ، وكذا صحيح (٢) زرارة عن الباقر عليهالسلام ظاهرة في أنّ للجمعة موضعاً معيّناً يجب على جميع المكلّفين الإتيان إليه من كلّ ناحية إلى حدّ فرسخين ، ولا ريب في أنه ليس لها موضع مقرّر ، فلا بدّ من أن يكون هناك شخص معيّن لا تصحّ من غيره ، وعلى ما يذهبون إليه من وجوبها عيناً خلف كلّ عدل تكون هذه الأخبار وفيها الصحيح منزّلة على فرد نادر غاية الندرة ، بل لا يكاد يوجد ، إذ من المستحيل عادةً أن
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٩٤ ١٩٥.
(٢) تقدّم في ص ٢٣٦.