.................................................................................................
______________________________________________________
الآية منزّل على الغالب في بلاد المسلمين من تحقّق النداء عند الزوال ، فكأنّه كنّي به عن الزوال (١) انتهى.
وفيه : إنّا لا نسلّم أنّ المراد بالصلاة الصلاة المطلقة ، بل الظاهر أنّ المراد صلاة الجمعة ، ولا سيّما إذا قلنا إنّ «من» للتبيين وإنّ المبيّن هو الصلاة والأذان وإنّ التقدير على الأوّل كما ذكره ملّا فيض (٢) : إذ نودي للصلاة الّتي هي الجمعة ، وعلى الثاني : إذا نودي للصلاة الّذي هو أذان الجمعة ، بل الحال كذلك إذا قيل في التقدير : صلاة يوم الجمعة وأذان يوم الجمعة ، بل الحال كذلك لمكان السوق لو قلنا إنّها بمعنى «في» كما هو كثير في دخولها على الظروف كما في : من قبل زيد ، ومن بعده ، ومن بيننا وبينك حجاب ، وكذا إذا قلنا إنّها زائدة أو للتبعيض ، مع أنّ الأوّل شاذّ والثاني بعيد ، وعلى هذا يصير المراد إذا نودي لصلاة الجمعة يجب السعي ، والقدر الثابت من وجوبه إنّما هو عند النداء الصحيح ، وكون كلّ نداء صحيحاً هو محلّ الكلام. وقد سمعت ما ادّعاه المحقّق الداماد (٣) من الإجماع على النداء المشروط به وجوب السعي.
ولو أبيت إلّا الخروج عن الظاهر قلنا الصلاة بإطلاقها تشمل الثنائية والرباعية الظهر وغيرها والسعي يشمل الاجتماع وغيره ، ونقول أيضاً : كما أنّ الغالب في بلاد المسلمين زمن نزول الآية وقوع النداء كذلك كان هذا النداء بحضور المعصوم أو نائبه مطلقاً أو غالباً ، فكما كنّي به عن الزوال كنّي به عن المعصوم ونائبه ، سلّمنا ولكنّه خطاب مشافهة فلا يشمل غير الموجودين ، ومن الجائز أن يكون وجوبها على الحاضرين لتحقّق الشرط وهو مفقود في غيرهم. وهذا من ثمرة النزاع في مسألة خطاب المشافهة وإن كان بعضهم كصاحب «الوافية (٤)»
__________________
(١) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٩ س ٣.
(٢) تفسير الصافي : في تفسير سورة الجمعة ج ٥ ص ١٧٤.
(٣) تقدّم في ص ١٩١.
(٤) الوافية : في العامّ والخاصّ ص ١٢٤.